لا يشكر الله من لا يشكر الناس
اتصل علي شوقي هذا الرجل صاحب الهمة والقلب الطيب تتمثل فيه طيبة المصريين الفلاحين البسطاء الذين نذروا انفسهم لخدمة ابنائهم وبناتهم بالغربة عن مصر فقد تغرب عن مصر للعمل في العراق ١٠ سنوات في السبعينات الى بداية الثمانينات الميلادية ثم جاء الى الملليح وهي قرية زراعية قريبة من المدينة المنورة وعمل عند صاحب مزرعة ١٨ عاما حتى اذا مات الرجل وحدث ان انخفض منسوب المياه في الملليح وجفت عشرات المزارع طلب من ابناءه ان يبحث عن عمل حتى لا يكون راتبه عبء عليهم فجائني وعندي ارض جرداء لايوجد فيها الا بداية عمل سور للارض ونظرا لخبرته فقد طلب ان يعمل عندي وكان بالنسبة لي فرج من الله فالأرض كبيرة ولا اعرف شيء في الزراعة والأرض بكر لم تزرع من قبل وهي تصنف بأنها نصف رمليه اي انها تحتاج الى كمية من الطين لتتماسك التربة وقمنا بأخذ اذن من وزارة الزراعة عندما كان زميلنا مصطفى بلول يرحمه الله مدير لفرعها في المدينة لنقل ٢٠٠ قلاب تريلا من طين سد الغابة ثم اراد ربنا بكرمه ان يكون بداية عمل كوبري تقاطع طريق القصيم مع شارع العوالي وقربان وقباء وكان المقاول للمشروع سمح لنا ولغيرنا من نقل النخيل الى مزارعنا
يومها اخذت شوقي الخبير في النخيل في العراق وفي الملليح لاختيار ٧٠ نخلة لاعتقادي بحديث سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام عن عجوة العالية ولكن المشكلة ان النخل الذي وجدناه كبير في العمر وطويل وكان شوقي من اشفاقه علي يقول
ياعم الشيخ محدش يشترى نخل عجوز الا اللي معندوش خبره الناس تزرع النخل بالفسائل وتنتظر ٥ سنين لحد ما تطلع اول مره وهذا النخل مش عارفين اذا كان فيهم عجوه والا لا
وكنت ارد عليه ان شاء الله يكونوا عجوه وتكون فيها البركة وان شاء الله نأكل منه السنه هذي انا مقتنع بحديث سيدنا النبي وبالنسبة للفسائل كان سعر الواحدة روتانا ٣٠ ريال جيب ٥٠ واحده
اذكر ان تكلفه استئجار التريلات والرافعات لتحميل وتنزيل النخل اكثر من ١٠٠٠٠ عشره الاف ريال
وكان وقت نقلها في شهر محرم قبل ٢٥ عاما وكان نهاية الربيع وغرسناها ولكن للاسف مات منها ٣٥ نخله في اول شهرين
وكان احد جيراني ممن عنده خبره في النخل يقول لي حضري وايش فهمك في النخل ماحد يشترى النخل الكبير الا مخبل وكنت اضحك واقول له على نياتكم ترزقون انا اعتقد في حديث سيدنا النبي بأن عجوة العالية فيها البركة والشفاء
ووالله الذي لا اله الا هو لم اكن انا ولا شوقي نعرف كم من هذه النخل عجوه فقد كان شوقي لم يزرع العجوة قبل ذلك وكان هو يعرف من الجريد نوع النخلة اذا كانت من الروثانة والحلوة والربيعة
وعند تلقيحهم توكلنا على الله وعندما بدأ الصيف ناداني شوقي وقال
ياعمي الدكتور ربنا اعطاك على قد نيتك اللي بقي من النخل مامات ٣٥ منهم ١٣ عجوه وكلهم محملين يعني حتاكل السنة دي منهم فحمدت الله على فضله وكرمه
عمل شوقي عندي ١٥ سنه حتى ٢٠١١ حتى كبر اولاده وبدأ يتألم من ركبته بسبب السن والخشونة فأصر اولاده ان يرجع فرجع وقبل ان يرجع احضرت مزارع من بنغلادش فدربه شوقي وعلمه كل ما يعرف ولم يسافر الا بعد ان اطمئن على المزرعة
وخلال السنوات التي كان شوقي يعمل في المزرعة وكنت ادرس في الجامعة وعندما تكون محاضراتي تبدأ بعد العاشرة صباحا اشتري الفول والتمييز وافطر مع شوقي فقد كنت احب الشاي المصري الثقيل
اليوم جاء شوقي للعمرة واتصل علي وتواعدنا ان نلتقي في المزرعة واحضرت الفول والتميز وبكى عندما رأني ورأى المزرعة التي اصبح فيها النخل عده امتار وكان قد غرسها بيده ورأي بقية ال ٣٥ نخلة التي نقلناها من قباء والعوالي ومنها ال ١٣ نخلة العجوة
فشكرا لك شوقي وجزاك الله عني خير الجزاء وشكرا لوفائك وامانتك وادام الله بيننا المعروف ولا يشكر الله من لا يشكر الناس