Madina Documentary Films

قصة فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس

ذكريات وليست مذكرات

قصة فلم … ورحلة باحث عن الحقيقة

!! لم أرى حضارة ظلمت في التاريخ الانساني كالحضارة الأندلسية

ولم أرى حضارة مازالت حية رغم القضاء على أصحابها قبل 500 عام كالحضارة الأندلسية فهي موجودة بإسمها في إقليم الأندلس الأسباني وبأسماء مدنها وبالحفاظ على عمارة وصيانة مساجدها ( وان تحولت الى متاحف وكنائس ) وبالحفاظ على اسماء قراها ومدنها وأحيائها القديمة بنفس الطراز الذي كانت عليه على مدى حضارتها التي امتدت 8 قرون قبل سقوطها عام 1492 . بل انها الحضارة الوحيدة التي استنسخت مبانيها كقصر الحمراء ومساجدها كمسجد قرطبة ليبني مثلها في أمريكا الجنوبية وفي الجزيرة العربية.

وان كان الناس يتداولون عبارات مثل التاريخ يكتبه المنتصرون او التاريخ يكتبه الأقوياء في تبرير تهميش المؤرخين الأسبان للحضارة الأندلسية ، لكنهم نسوا أن التاريخ صادق لا يكذب ، وانه كتاب يمكن للأمم والحضارات ان تكتبه خلال أوج حضارتها فتوثق تاريخها او تتركه حتى تسقط حضارتها فيكتبه المنتصرون عليها.

وهذا ما حدث للحضارة الاندلسية التي سادت لأكثر من ثمانية قرون في أوربا الغربية تحمل مشعل العلم والفهم وقيم الاسلام السمحة التي جمعت مواطني الاندلس من كل الديانات الاسلامية والمسيحية واليهودية ومن كل الالوان والاعراق . لقد كانت الاندلس الاولى في كل شيء فأول مدينة تضاء شوارعها في العالم قرطبة وأول مدن العالم يكون فيها التعليم والعلاج والتجارة والارتقاء في المناصب الى منصب الوزير( وهو ما يعادل رئيس مجلس الوزراء ) متوفرا لكل إنسان أندلسي يمتلك الكفاءة بصرف النظر عن دينه وعرقه .

من هنا بدأت قصة بحثي عام ١٩٩٥ قبل عشرين عاما عن دور الأندلسيين في اكتشاف امريكا قبل كولمبس فقد كنت اعتقد ان حضارة بهذا الحجم من العلوم والمعارف وخصوصا في الفلك وعلوم البحار والاتصال بالعالم الخارجي لا يمكن ان لا يكون لها دور في اكتشاف امريكا قبل كولمبس خصوصا اذا عرفنا ان كولمبس اكتشف امريكا عام 1492 بعد أشهر من نفس العام الذي سقطت فيه مملكة غرناطة بيد الملكين الكاثوليكيين فردناند وايزابيلا . ومن المهم ايضا ان نعرف ان كولمبس إيطالي من جنوه وانه ليس بحار في الأصل وإنما مهنته الأصلية هي رسام خرائط وانه ساوم الملكين الإسبانيين وقبلهم ملك انجلترا في امتلاكه خريطة توصل الى الأرض الجديدة كما سماها . ولذلك استعان بقبطانين في رحلته الاولى من عائلة بن زون او بالعربية عائلة ابن زين وهي عائلة اندلسية تنصرت بسبب محاكم التفتيش وهي عائلة عريقة ومشهورة على مدى اجيال بالإبحار والتجارة عبر البحر الابيض المتوسط ولها سفن بحرية تجوب البحار.

رحلة البحث

كانت بداياتي في البحث عام ١٩٩٥ بمجلة علمية جزائرية استعرتها من اخي د مازن مطبقاني ( ولم اجدها منذ سنوات في مكتبتي) تتحدث عن دور عربي في امريكا الجنوبية ولكن البحث كان اقرب الى النظرية منه الى الحقيقة العلمية فقد تحدث عن اسم البرازيل وفنزويلا وانها اسماء لقبائل امازيغية وعربية بني زايل وبني زويلا ولكنني لم اجد الى اليوم ما يدعم هذه النظرية , وان كان أثار انتباهي في ذلك البحث قول الباحث ان الأفارقة كانوا يعرفون أنهارا داخل المحيط الأطلسي توصل الى الضفة الأخرى من بحر الظلمات او المحيط الأطلسي .ثم بدأت في البحث في المجلة التاريخية المغاربية وبدأت الإشارات تشير الى وجود دلالات قوية كرحلة أمير البحر الخشخاش في القرن العاشر الميلادي من الأندلس ومن نفس الميناء الذي غادر منه كولمبس بعد ٤ قرون وهو ميناء أولفا حيث أن كريستوفر كولمبوس بدأ رحلته الأولى من ميناء أولفا الذي يدعى بالوس دي لا فرونتيرا . وكذلك رحلة مهمة وهي رحلة الفتية المغررين من لشبونة عاصمة البرتغال حاليا , هؤلاء الشباب وصلوا إلى بعض الجزر في المحيط الأطلسي. لقد واصلوا رحلتهم لمدة زادت على شهر، في ثلاث مراحل، الأولى أحد عشر يوما والثانية في اثني عشر يوما والثالثة مثلها ، وعندما عادوا تحدثوا عن مغامرتهم، وكيف وصلوا إلى جزيرة غوتس، (أو جزيرة الماعز) وكيف تعاملوا مع سكانها. وكل هذه الرحلات وثقها المسعودي والحميري في كتبهم خلال فترة الحكم الأندلسي .

ولكن لم تكن المعلومات التي جمعتها تكفي لقيام بحث علمي في هذا الموضوع فظللت كلما زرت باحثا مختصا في امريكا او في الاثار اجمع ما يتيسر من معلومات.

وفي عام ٢٠١١ قررت ان اركز جهدي في البحث في هذا الموضوع فبدأت برحلتي الاولى الى البرازيل فزرت قريطبة وساوباولو وجمعت من جمعية مركز الدعوة الإسلامية بأمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي في ساوباولوا وخصوصا من الاخ الصادق العثماني كل مقالاته التي كان ينشرها على مدى سنوات في مجلة المجتمع الكويتية عن المسلمين في امريكا الجنوبية . وهناك حكى لي الاستاذ أحمد الصيفي عن مساجد تحولت الى كنائس وان من أهمها مسجد قديم في سلفادور تحول الى كنيسة وان تصميمه أندلسي وأكد الصادق العثماني ان فيه كتابات عربية مع انه لا يوجد من يتكلم العربية في تلك المنطقة

. وقررت بعد ذلك السفر الى المغرب وهناك التقيت د عبدالواحد أكمير مدير مركز دراسات الاندلس وحوار الحضارات وكان لقاء علميا اوردت لها كل ما عندي من ادله وحقائق وكان في البداية مترددا فقال أمهلني الى الغد فلم يكن مقتنعا بأن ما أوردته يوصل الى أن المسلمون سبقوا كولمبس او كان يريد ان يتأكد من معلومات لديه الى أن ذكرت له أن كولمبس في رحلته الثالثة الى فنزويلا أخذ معه مترجمين عرب فبدأ أكثر اهتماما ,فلما جئته في اليوم التالي قال لي انه بات اكثر قناعة بالموضوع وانه سهر تلك الليلة في مكتبته يبحث عن اوراق في دفتر قديم عنده يوم كان طالبا في جامعة مدريد بأسبانيا وترجم خلالها مذكرات كولمبس بخط يده وان ابن كولمبس ذكر ما أوردته في الرحلة الثالثة له. من هنا أخذ الاخ العزيز د عبد الواحد أكمير على عاتقه ان يسخر علمه بالإسبانية وتخصصه في التاريخ الأندلسي في البحث والدراسة في الدور العربي الأندلسي في اكتشاف امريكا . وسافرت من عنده الى تطوان لألتقي شخصية أسبانية مهمة تعرفت عليه من خلال د على الريسوني وهو جيسس فلورس وهو باحث في تاريخ الاندلس وكان مع جمعية خنتى اسلاميكا او الجمعية الاسلامية في اسبانيا قد قاموا في بطباعة كتاب بالإسبانية “Africa versus America”افريقيا في مواجهة أمريكا عام 2000 ميلادية

وهو من تأليف Luiza Isabel al ferris Do Tolido الدوقة لويزا إيزابيل الفاريز دي توليدوا دوقة مدينة سيدونيا او بالعربية مدينة شذونة . وأهمية الكتاب ان هذه الدوقة لديها ارشيف فيه ٤ مليون وثيقة منذ القرن الثاني عشر الى يومنا . وان الجد الاول لهذه الدوقة هو عثمان الطيب الأندلسي وانها وإجدادها حافظوا على هذا الارشيف على مدى ٨ قرون وانهم عائلة نبيلة مسئولة عن البريد القادم من المستعمرات الغربية والمقصود بها الأمريكتَين وعن الجمارك لجميع السفن التي تدخل الى الوسط الاسباني من خلال الوادي الكبير وهو النهر الكبير حيث قصرهم يقع في سنلوكر قريبا من النهر . كما أخبرني جيسس فلورس ان الدوقة ألفت كتابا أخر بالإسبانية عام ١٩٩٣ بعنوان No fuimos nosotros لم نكن نحن اي الإسبان من اكتشف أمريكا.

وقد احدث الكتابين ضجة كبيرة في أسبانيا حيث الدوقة لويزا إيزابيل الفاريز دي توليدوا دوقة مدينة سيدونيا تعد بحسب الترتيب الملكي الأسباني لطبقات النبلاء في المرتبة الثالثة في النبل بعد الملك خَوَّان كارلوس ملك أسبانيا ودوقة مدينة ألبا . لأن أجدادها تاريخيا كانوا حكام ولايات في غرب إسبانيا وكانوا جنرالات في الجيش الإسباني , وأميرالات البحرية الإسبانية. فالوثائق التي في أرشيفها تعتبر هامة جدا.

ونظرًا لان الكتابين باللغة الاسبانية ولا يوجد لهم اي ترجمة الى الانجليزية او العربية اضررت الى تعيين مترجمين لقراءة الكتابين وتحديد المقاطع التي احتاجها في البحث واستغرق هذا العمل ٤ اشهر لكنه كان يستحق كل ما بذلته فيه من جهد ومال . فالكتابين أثبتا بالوثائق من الارشيف الذي كان في قصر الدوقة لويزا إيزابيل الفاريز دوقة مدينة سيدونيا وفي مكتبة سيمانكس بما لا يدع مجالا للشك في ان الأندلسيين كانوا قد وصلوا الى امريكا بعدة قرون وكذلك ملك فاس .

وخلال بحثي في وصول المسلمين الى امريكا بدأت ابحث في قصة الملك منسى موسى ملك مملكة مالي التي كانت أغنى مملكة في العالم حيث كانت تسمى مملكة الذهب وكانت تضم اكثر من ١٢ دولة أفريقية حاليا فقد تأسست في عام 1230 وانتهت عام 1600 ميلادية . وبدأت البحث في قصته التي حكاها للمؤرخ العربي شهاب الدين العمري عام ١٣٢٤ في القاهرة خلال رحلته الى الحج والتي ذكر فيها للعمري ان أخاه الملك أبو بكر الثاني سافر الى الغرب مع ٢٠٠٠ سفينة بعد ان ارسل ٤٠ سفينة في البداية ليستكشفوا ما وراء المحيط الأطلسي في شاطئ البرازيل وعادت سفينة واحدة فقط وأخبروه بما رأوْه فقرر ان يتنازل عن الملك لأخيه الملك منسى موسى لفتح تلك المناطق وللدعوة الى الاسلام . وغادر هو وعائلته مع جيش يصل الى ١٠٠٠٠ جندي وعائلاتهم وكمية كبيرة من الذهب ولم يعد بعد ذلك التاريخ . ووصل كما أعتقد كباحث من خلال دراستي الى مدينة ريسيف أو الرصيف وتعني الميناء باللغة العربية وأسس مملكة باهيا والتي مازالت تحمل نفس الاسم الى اليوم. ففيها ثورة الماليين نسبة الى مالي عام 1836 وفيها كثير من المعالم والمباني في مدينة سالفادور تدل على وجود مملكة أفريقية وليس فقط وجود العبيد الذين جلبوا من أفريقيا على مدى ثلاثة قرون.

كما أنني ركزت في بحثي على مدينة تمبكتو جوهرة الحضارة الأفريقية والتي أسسها حكام مملكة مالي وجلبوا لها علماء الأندلس منذ سقوط طليطلة في القرن الثاني عشر الى سقوط غرناطة في القرن الخامس عشربل إن اللغة العربية كان لغة العلوم في تمبكتو وكان حكام مالي يتحدثونها ويكتبون بها المراسلات الدبلوماسية . فقد كان لدى ملوك مالي كل العلوم والتجارب الأندلسية في علم الفلك والبحار . وهنا لا بد أن أذكر أنه كان من أدوات بحثي ما كتب في المجلة العلمية الجزائرية عن ان الأفارقة كانوا يعرفون انهارا في المحيط من يسلكها يصل الى الضفة الاخرى من المحيط ( وهي ما عرفها الباحث الأسباني في الملاحة البحرية خوسيه هورتادوا في انها التيارات البحرية وان الافارقة والعرب الأندلسيين كانوا يعرفونها)

ثم عدت الى المغرب وإسبانيا ومعي طاقم التصوير وصورنا جميع الباحثين والمؤرخين والمعالم التي تناسب الأفلام الوثائقية وتخدم مضمون الفلم. وفي أسبانيا استأجرت طائرة خاصة لمدة 6 ساعات وركبت عليها كاميرات التصوير لتصوير الأندلس من الجو مدنها ومزارعها ومعالمها ومساجدها وقصورها ثم قمنا بتصويرها على الأرض ننتقل من مدينة الى أخرى ومن معالم الى قصر ومسجد.

وبعد عودتي من هذه الرحلة قررت السفر الى البرازيل للتصوير في يناير 2013 فقد أصبح البحث في البرازيل مهما في اثبات وصول المسلمين الى أمريكا بعد أن ثبت عندي مغادرتهم الأندلس ومالي باتجاه أمريكا. فبدأت سلسة من الاتصال بالمؤرخين والعلماء البرازليين وكانوا من أكثر الناس انفتاحا وتفاعلا مع موضوعي . فبدأت رحلتي من ساوباولو وجامعتها العريقة وكانت د. أريس كانتور من قسم التاريخ من المتحمسات لموضوع البحث وساهمت في توصيلي بعدد من أساتذة الجامعات في سالفادور وريسيف وريو دي جينيروا .ومن ساوباولو إنتقلنا مع فريق التصوير الى مدينة سالفادور عاصمة ولاية باهيا والتقينا د. عبد الحميد أبو بكر أستاذ في جامعة باهيا الفيدرالية وزرنا أهم المعالم التي تحدثت عن ثورة الماليز عام 1836 ومحاضر محاكماتهم والمتعلقات التي وجدت معهم وهي كتابات من القرآن الكريم بخط كوفي مغاربي باللغة العربية ومسجد باهيا والذي حول الى كنيسة والذي بنى كما قالت لنا القسيسة عام 1771 وفيه كتابات باللغة العربية كما ان بنائه أندلسي بكل أقواسه وبلاطه وقد وجدناه بني باتجاه القبلة وفيه منبر ولا يعرفون كيف جاءت الكتابة العربية له وهذا المسجد لا يمكن ان يكون من بناء العبيد المسلمين فهو على قمة الجبل الذي يواجه البحر وهو تقليد حكام المسلمين في بناء مسجد في أعلى قمة تواجه البحر ليكون أول مايراه البحارة والسفن القادمة . ومن معالم سالفادور حديقة الله وهي مقبرة المسلمين قديما وشارع سانتا محمد القديس محمد كلها تؤكد وجود المسلمين خلال فترات العبيد وقبلهم.

وفي ريسيف التقيت د. إلين توري وهي من الهنود الحمر وأستاذ في علم الاجتماع وذكرت العلاقة بين الماليز الماليين والهنود الحمر والعرب المورسيكين والهنود الحمر في اللغة والدين والعادات والتقاليد . كما كان لقائي مع د. فالتر فيبار والذي جاءني مع عائلته من مدينته التي تبعد 180 كيلومتر لقاء ثريا في التعريف بالتأثير العربي على البرتغاليين حيث وصلوا الى البرازيل وكان العرب قد سبقوهم اليها . كذلك كانت رحلتي الى ريوديجينيروا التقيت فيها بالباحث أنتونيو كارلوس والمختص في تاريخ المسلمين في البرازيل و. ومن أهم اللقاءت التي قمت بها اللقاء مع السفير ألبرتو كوستا داسيلفا سفير البرازيل في نيجيريا لعدة سنوات وقد فاجأني عندما التقيته في بيته بأن قال لي لابد أنك جئت تبحث عن الملك أبو بكر الثاني فقلت نعم فقال سأحكي لك قصته فذكرها لي كما وردت في كتاب العمري في القصة التي رواها عن الملك منسى موسى.

ومن البرازيل كان لابد من السفر الى السنغال حيث دلت دراساتي أن الملك أبو بكر الثاني انطلق من داكار الى البرازيل وهنا وجدت ضالتي في الباحث السنغالي باتهي دياغني والمختص في تاريخ الملك أبو بكر الثاني بل قام بصناعة سفن الكانوز والتي تشبه السفن التي استخدمها الملك أبو بكر الثاني في عبور المحيط الأطلسي. ومن السنغال حاولت السفر الى مالي لمقابلة الكاتب د. غاوسوا ديوارا وهو الذي ألف الكتاب الوحيد في العالم عن أبو بكر الثاني ورحلته باللغة الفرنسية ولكن الانقلاب في مالي ثم الاضرابات التي صاحبت دخول القاعدة الى تمبكتو وتدمير بعض مكتباتها وزواياها وأضرحتها وعداوة الماليين للعرب بسبب هذه الأعمال منعني من السفر اليها فأرسلت فريق تصوير الى باماكو لعمل اللقاء معة وكان لقاء مهما فيه الكثير من المعلومات المهمة.

أخيرا عدت الى المدينة المنورة أحمل معي 200 ساعة تصوير ومقابلات باللغات الاسبانية والفرنسية والبرتغالية والانجليزية بالإضافة الى العربية , وهنا بدأت بتعيين مترجمين في البرازيل وبريطانيا وأسبانيا وقطر وذلك لتفريغ المقابلات وتوحيد كتابتها بلغة واحدة وهي الانجليزية حيث قررت منذ البداية في المشروع أن يكون الفلم باللغة الانجليزية. هذا العمل أخذ مني 6 أشهر وكلف 15% من ميزانية المشروع فقد كانت أعداد الصفحات التي ترجمت بالمئات وكان من اصعب الأمور اختيار العبارة او الجملة من كلام هذا الضيف لتكمل بها كلام ضيف آخر من بلد آخر ولغة أخرى. وقد اتفقت مع مونتير أمريكي يتقن الاسبانية والانجليزية يعيش في إسبانيا لتنفيذ المونتاج وخلال عام كامل تم مونتاج الفلم في 8 رحلات مكوكية أقوم بها اليه كل رحلة من 10 أيام الى 15 يوما نعمل فيها كل يوم لمدة 14 ساعة . وبين هذه الرحلات هناك التواصل من خلال نقل المقاطع بين فريق المونتاج عندي في المدينة وبين المونتير في أسبانيا عبر الانترنت .

ومن المفارقات انني أنهيت المونتاج الأولي في شهر ديسمبر 2013 وفوجئت بالباحث الأسباني هاشم كبريدا والمونتير يطالباني بضرورة السفر الى جزر الكناري للقاء خوسية هورتادوا المتخصص في الملاحة البحرية وان اللقاء مهم جدا معه . ولكني في تلك المرحلة أوشكت على الإفلاس فقد بعت 3 قطع أراضي هي ما بقي لي من اراض استثمرتها لأبنائي وبناتي ولم يبقى لي الا مرتبي من الجامعة ولكن اصرارهم كان كبيرا , فذهبت الى مدريد واخذت فريق تصوير منها وسافرنا 3 ساعات طيران الى جزر الكناري في المحيط الأطلسي مقابل موريتانيا والصحراء المغربية . وكان اللقاء بخوسيه هورتادوا والذي استمر 8 ساعات تلفزيونية على مدى يومين مهما جدا في اثبات دور المسلمين في عبور الأطلسي قبل كولمبس بقرون .

هذه هي قصة فلم ورحلة باحث عن الحقيقة أتركها بين يديكم لتقرؤوها وتشاهدوا الفلم .

وهذه اعادة لكتابة التاريخ العربي الأندلسي والتاريخ الاسلامي الأفريقي في مملكة مالي بكل حيادية وحرفية علمية ومن باحثين أسبان وبرازيليين وسنغاليين ومالين ومغاربة .

ولاشك عندي أن هناك الكثير من الدور المغربي في اكتشاف أمريكا قبل كولمبس وأن هذه الوثائق موجود في المكتبة الملكية المغربية وفي أرشيف قصر مدينة سيدونيا فقد قالت الدوقة لويزا إيزابيل الفاريز دي توليدوا عند لقائها د علي الكتاني أنها تملك وثائق تظهر العلاقات الاقتصادية بين مملكة المغرب وأمريكا اللاتينية. ومن الأسرار التي كشفتها هي أن هذه الوثائق تظهر أن ياسين والد عبد الله بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين – قطع المحيط الأطلسي وذهب إلى مناطق شمال البرازيل وغينيا، ونشر فيها الإسلام. ذهب إلى هناك مع جماعات من أتباعه، وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية. أرجو الله أن يمكنني من اكمال بحثي في هذا الجانب في القريب ان شاء الله .

وختاما أشكر كل من ساندني وساعدني في انجاز هذا البحث وأولهم زوجتي الحبيبة منال محمد سالم الحمود التي صبرت وصابرت أبنائنا وبناتنا الأعزاء دانية ومؤيد ومجاهد ومهند ودؤوب على كثرة أسفاري وسياسة شد الحزام التي فرضتها على بيتي للإنفاق على حلم راود أباهم.

والشكر موصول لمعالي مدير جامعة طيبة ووكلاء الجامعة الذين فتحوا بابا آخر من أبواب البحث العلمي وهو باب الأفلام الوثائقية وأقروها كوعاء علمي يعادل الأبحاث المكتوبة. وكذلك الشكر للخمس وستون شخص من الذين عملوا معي من 13 جنسية ومن 3 قارات أوربا ,افريقيا وأمريكا الجنوبية .

كما أشكر أخي المصور فاروق أقصوي والمونتير خوسيه أرييغا.

وفي الختام أهدي هذا العمل الى أرواح البحارة الأندلسيين الخشخاش والفتية المغررين الذين غامروا بأرواحهم للإستكشاف في بحر الظلمات . وأهدي هذا العمل أيضا الى روح الملك الصالح أبو بكر الثاني الذي حكم لعشر سنوات ثم تنازل عن الملك لأخيه طلبا لنشر الاسلام في أمريكا قبل 700 عام .

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

د. خالد علي حسن أبو الخير منتج ومخرج فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس

Related Articles

Back to top button