فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس
دراسة علمية لدور المسلمين في اكتشاف قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية قبل كولمبس
قام بالدراسة وانتاج واخراج الفلم :
د. خالد علي حسن أبو الخير
قسم الاتصال والاعلام
جامعة طيبة
المدينة المنورة
2014
فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس
دراسة علمية لدور المسلمين في اكتشاف قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية قبل كولمبس
مقدمة :
يكتب التاريخ على مراحل فيها فترات قوة وفترات ضعف. وعادة ما يكتب التاريخ الأقوى ليظهر قوته أو يكتبها ليسرق تاريخ الآخرين وينسبها لنفسه.
وهذه هي قصة البرنامج الوثائقي
نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولومبس
فقد تم اكتشاف أمريكا كما يذكر لنا التاريخ من قبل الفينيقيين و الفايكنج من اوروبا واليابانيين من أسيا من جهة الغرب الامريكي؛ ومن بعدهم المسلمين الأندلسيين ورحلاتهم التي عبروا من خلالها بحر الظلمات او المحيط الأطلسي , لكنهم لم يستوطنوا فيها حتى القرن الرابع عشر عندما قام الملك أبو بكر الثاني وهو محمد قو ملك مالي بالتوجه الى البرازيل الحالية مع 2000 سفينة واستوطن فيها وتكونت امارات اسلامية على مدى القرون الستة أهمها امارة باهيا او بهية في البرازيل الى أن زالت و قضى عليها جيوش المستعمرين البرتغاليين . ولا تزال هذه الولاية بنفس الاسم في شمال البرازيل ولا تزال شوارعها تحمل الطابع الأندلسي ولا تزال النقوش والكتابات الأندلسية على أهم كنيسة فيها والتي كانت يوما ما من مساجد المسلمين في هذه الولاية . ويحمل متحف ولاية باهيا الكثير من نسخ القران والكتابات العربية بالخط المغربي والأندلسي الكوفي لتأكد هذه الحقيقة وما تلاها من مراحل جلب العبيد المسلمين من أفريقيا.
أهمية البرنامج والدراسات والأفلام السابقة :
يعتبر البرنامج من البرامج المهمة التي ستثير ضجة عالمية في السؤال عن من اكتشف أمريكا ؟ والتي كان مسلما انها من اكتشاف كريستوفر كولومبس عام 1492 . وسيكشف البرنامج أن ابنه هنري كتب في مذكراته المطبوعة ان والده كان لديه خريطة حصل عليها من أحد الأشخاص ساوم بها ملك انجلترا ثم الملكين الإسبانيين فرناردوا وإيزابيلا . وان اثنين من السفن الثلاثة التي سافرت في الرحلة الأولى للاكتشاف كانت لمسلمين من عائلة ابن زين وان الأخوة الثلاثة شاركوا في هذه الرحلة.
كما أن هنري ذكر في مذكرات كولومبس المطبوعة أن والده في الرحلة الرابعة والتي توجهت الى أمريكا الجنوبية طلب من والي الجزر الخالدات او ما يعرف اليوم بجزر الكناري اصطحاب مترجمين عرب لأن التجار في تلك المنطقة يتكلمون العربية وهو ما أثبتته وثيقة باللغة العربية اوردتها الكاتبة الإسبانية دوقة مدينة سيدونيا لويزا ايزابيل ألفاريز في كتابها África versus América أفريقيا في مواجهة أمريكا والذي طبع عام 2000 في الصفحة (459).
بالإضافة الى ذلك كتبت الكاتبة الإسبانية الدوقة لويزا ايزابيل ألفاريز دوقة مدينة سيدونيا كتابا بعنوان No fuimos nosotros (It wasn’t us) ( لم نكن نحن ) عام 1993 وأثبتت فيه بالوثائق أن الإسبان لم يكونوا المكتشفين لأمريكا وإنما المسلمون الأندلسيين وأثبتت ذلك بالوثائق التي توجد لديها في قصرها والتي يبلغ عددها 4 مليون وثيقة عن مدينة سيدونيا (بالعربي شذونة) منذ القرن الحادي عشر حيث كان أجداها الأندلسيين نبلاء هذه المدينة منذ ذلك التاريخ الى يومنا هذا.
ويمكن ان تكون من الدراسات السابقة وجود أفلام تم انتاجها في سنوات سابقة تؤكد وجود مكتشفين لأمريكا قبل كولمبس مثل فلم Who really discovered America من اكتشف أمريكا شارك فيه العديد من الباحثين من جامعات أمريكية ويابانية واوربية ويتحدث عن كل المكتشفين قبل كولمبس وقد أكد أحد الباحثين فيه أمكانية عبور القوارب العربية للمحيط الأطلسي وقد أنتج عام 2000 لصالح قناة التاريخ الأمريكية History Channel الا أن الفلم لم يذكر الدور الأندلسي في اكتشاف أمريكا ضمن الأدوار الأخرى للحضارات الأوربية واليابانية والصينية.
وكذلك فلم البحار المجهول والذي انتج في أسبانيا من قبل الباحث Juan Benitez ويتحدث عن قبطان وصل الى اسبانيا مريضا مع بحارته وان كولمبس استضافه في بيته وان هذا البحار هو من أعطى كولمبس خريطة الوصول الى أمريكا . وقد أور الباحث مقطع قصير جدا عن رحلة الملك أبو بكر الثاني الى الغرب وأنه قد يكون وصل الى ريسيف في البرازيل.
كل ذلك سيعطي للبرنامج مصداقية بالإضافة الى العشرات من اللقاءات مع المفكرين والمعماريين والعلماء الإسبان والبرازيليين والمغاربة والماليين والسنغاليين لتوضيح حقيقة ما جرى من اكتشافات عربية أندلسية وافريقية اسلامية نسبها الإسبان لهم.
المنهج العلمي الذي استخدمه الباحث في انتاج الفلم :
هذا الفلم يعتبر من الأفلام الوثائقية الاستقصائية والتي يقوم فيها الباحث بالبحث حول موضوع محدد في فترة او فترات زمنية محددة وفي مجال ومواقع جغرافية محددة .
حدود البحث :
حدد الباحث الموضوع في البحث عن دور المسلمين في اكتشاف قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية قبل كولمبس وحددت الفترة الزمنية من القرن التاسع الميلادي الى القرن السادس عشر الميلادي . كما حدد الباحث دور العرب الأندلسيين في اكتشاف أمريكا ودور ملك مملكة مالي الملك أبو بكر الثاني في اكتشاف البرازيل.
فرضيات البحث:
بعد الدراسة الأولية لما كتب عن الموضوع في الدراسات السابقة وفي الأفلام الوثائقية السابقة , حدد الباحث الفرضيات العلمية التالية قبل البدء في الدراسة التفصيلية وتصوير الفلم :
- كانت الأندلس منذ القرن التاسع الى القرن الثاني عشر الميلادي في أوج حضارتها في الجغرافيا والفلك والملاحة البحرية واشتهرت خرائطها التي حددت ملامح كروية الأرض كما كان علمائها في الفلك والملاحة البحرية قد اسسوا وألفوا مئات الكتب عن استخدام النجوم في البحار فمن الطبيعي ان يكونوا درسوا الاتجاه بحرا الى الغرب .
- اشتهر المسلمون بأنهم سادة البحار في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وسواحل أفريقيا فمن الطبيعي ان مغامرات الخشخاش والفتية المغررين من لشبونة والتي اوردها المؤرخون العرب كابو الحسن على بن الحسين المسعودى والشريف الإدريسي و محمد الحميري قد استثمرت من بعدهم في الوصول الى امريكا .
- كيف يمكن تفسير اكتشاف امريكا في نفس العام 1492 وبعد أشهر من سقوط غرناطة في حين ان كولمبس كان ايطاليا من جنوه ويعمل في الأندلس قبل الاكتشاف الا أن أمريكا كانت معروفة لدى الأندلسيين.
- ما كتبه المؤرخ العربي شهاب الدين ابو العباس احمد بن فضل الله العمري عن رحلة الملك منسى موسى ملك مملكة مالي الى الحج والتي أورد فيها ما أخبره به الملك منسى موسى من أن الملك آل له بعد تنازل أخيه الملك أبو بكر الثاني له بالملك بعد قراره التوجه مع 2000 سفينة وجيش كامل عام 1311 باتجاه الغرب في المحيط الأطلسي لنشر الاسلام , يدفع الى فرضية الوصول الى البرازيل حيث السنغال مواجهة للبرازيل وهي أقصر نقطة في المحيط الأطلسي بين قارة أفريقيا وأمريكا الجنوبية . ووجود ولاية باهيا ومدينة الرصيف او ما تعرف بريسيف بنفس الإسم فيها منذ اكتشاف البرازيل من قبل البرتغاليين يساعد في تأكيد هذه الفرضية .
- دراسة ما كتبته الكاتبة الإسبانية الدوقة لويزا إيزبيلا الفاريز دوقة مدينة سيدونيا في كتابيها الأول بعنوان ( لم نكن نحن ) عام 1993 وكتابها الثاني ( أفريقيا في مواجهة أمريكا ) والذي طبع عام 2000 والشكوك الغربية التي اوردتها في ان كولمبس ليس المكتشف الأول لأمريكا .
- وجود افلام وثائقية وكتب كثيرة تحدثت عن وصول الفايكنج والفينيقيين واليابانيين والبولونيزيين والصينين الى أمريكا قبل كولمبس.
- وجود محاكم التفتيش في المكسيك وفنزويلا والبيرو والبرازيل وهي التي بدأت بعد سقوط الأندلس وهي كانت موجهه للمسلمين واليهود في اسبانيا فكيف وصلت الى امريكا الا ان كان هناك مسلمون موجودون قبل كولمبس في أمريكا.
- كان الأفارقة يقولون انهم يعرفون انهارا في البحر المالح ( المحيط الأطلسي ) من يسير فيها يصل الى الشاطئ الآخر .
خطة انتاج الفلم:
تم العمل في الفلم على مدى عامين ونصف بالمنهج التالي :
أولا : تم على مدى عامين دراسة الموضوع علميا وتم التعاون مع عدد من الباحثين في التاريخ الأندلسي والأفريقي والإسباني والبرتغالي والبرازيلي لدراسة المحاور الثلاث للبرنامج :
- تاريخ اكتشاف أمريكا قبل كولومبس والتركيز على الأندلسيين منذ القرن التاسع الى الثالث عشر ثم الاكتشاف الأكبر في القرن الرابع عشر من قبل الملك أبو بكر الثاني ملك مالي .
- الرحلات الأربع التي قام بها كولومبس الى الأميركتين
- تاريخ المسلمين في الأميركتين منذ الاكتشاف مرورا بمحاكم التفتيش في الأميركتين ورحلة وخريطة البحار العثماني الى البرازيل بيري ريس وثورة الماليز عام 1838 الى الآثار الموجودة في الشوارع والبيوت والمساجد والكنائس ونماذج قصر الحمراء في أمريكا. وسيتم التركيز هنا على العناصر التالية في التاريخ الأندلسي والإسلامي وهل انتقلت الى أمريكا وهي:
– الحضارة والعمارة الأندلسية
– العلوم والمعارف التي نقلها المسلمون معهم الى أمريكا
– فن الموسيقى والموشحات الأندلسية والفن الموسيقي الأفريقي
ثانيا : قام الباحث عام 2011 برحلة علمية للقاء الباحثين المختصين في التاريخ الأندلسي والأفريقي الى المغرب وأسبانيا والبرازيل وتم تصوير مقابلات مبدئية معهم .
ثم في عام 2012 تم القيام برحلة التصوير الرسمية للفلم مع فريق التصوير يقوده مصور عالمي هو المصور التركي فاروق أقصاي وهو المصور المعتمد لقنوات ال CNN –BBC- NATIONAL GEOGRAPHY – ALJAZEERA ENGLISH في جميع افلامهم في المملكة العربية السعودية. وخلال هذه الرحلة الى المغرب وإسبانيا والبرازيل والسنغال تم تصوير الضيوف من الباحثين وأرشيف قصر مدينة سيدونيا ومعالم الأندلس الحضارية .
تم استئجار طائرة خاصة للتصوير الجوي لمدة 6 ساعات طيران لتصوير الأندلس بكامل معالمها المهمة في المدن الأندلسية بدء من سنلوكر وسيدونيا ( شذونة ) في الغرب الى قرطبة وغرناطة في الشرق وملقا في الجنوب . حيث تم التصوير في الطائرة باستخدام كاميرتين فيديو وكاميرا فوتوغرافية. بالإضافة الى ذلك تم اجراء أكثر من 18 لقاء مع مفكرين ومعماريين وفنانين أسبان ومغاربة وسنغاليين. كما تم تصوير مدن أندلسية في المغرب مثل شفشاون وغيرها والتي بنيت بعد سقوط الأندلس لمقارنتها بالمدن الأندلسية في ولاية باهيا بالبرازيل وغيرها.
ثالثا : كان من المفترض القيام برحلة الى تمبكتو لتصويرها فهي مهد الحضارة الأفريقية حيث انطلق منها الملك أبو بكر الثاني الى اكتشاف أمريكا ولكن الانقلاب العسكري في مالي حال دون ذلك ولخطورة سفر الباحث الى مالي تم ارسال فريق تصوير من السنغال الى مالي لتصوير تمبكتو وعمل لقاء من د. غاوسو ديوارا مؤلف الكتاب الوحيد في العالم عن الملك أبو بكر الثاني . كما تم التطرق الى تاريخها خلال حكم الملك أبو بكر الثاني وأخوه الملك منسى موسى.
رابعا : تم تصوير جزيرة غوري في السنغال حيث كانت مركز ترحيل العبيد المسلمين وكذلك غانا وليبريا حيث تم من هناك ترحيل العبيد المسلمين الذين لعبوا دورا في استمرار الوجود الاسلامي في الامارات الاسلامية في أمريكا الجنوبية لاحقا.
خامسا : تم تصوير استكشافي للبرازيل في مدينتي ساوباولوا وكورتيبا أو ما يقال بأن اسمها قريطبة في مارس 2011 واللقاء مع بعض الباحثين . وتم التصوير الأساس بالطائرة من الجو والتصوير الأرضي للمعالم الاسلامية واللقاءات مع المفكرين والمعماريين والفنانين في أمريكا الجنوبية في كل من البرازيل بمدنها ريوديجنيروا وساوباولوا وولاية باهيا بمدنها سلفادور وريسيف او ( الرصيف ). كما تم عمل لقاءات مع المؤرخين المهمين في تاريخ البرازيل وخصوصا في جامعة ساوباولو وجامعات في باهيا.
سادسا : تم التعاقد مع شركة غرافيك في مصر لإنتاج الخرائط والرحلات التي قام بها المسلمون والملك أبو بكر الثاني وكولومبس ومن قبلهم من الحضارات كالفنيقين والفايكنج والايرلنديين واليابانيين وتم اعادة بناء السفن التي استخدمتها هذه الحضارات باستخدام غرافيك ثلاثي الأبعاد مستخدمين المصادر التاريخية من الكتب والمراجع والرسومات في المتاحف الأوربية والبرازيلية والأفريقية لإعادة بناء تلك السفن التي عبرت المحيط الأطلسي .
سابعا : وحيث أن البرنامج يحتاج الى مشاهد درامية من فئة الدوكو دراما فتم شراء حقوق مشهد درامي لأحداث تتعلق بالملك منسى موسى وحديثه مع المؤرخ العمري حول رحلة أخيه الملك أبو بكر الثاني الى البرازيل .
ثامنا : تم تكليف 5 مترجمين لترجمة جميع المقابلات الى اللغة العربية واللغة الإنجليزية حيث أن ضيوف الفلم كانوا من دول مختلفة وكانوا يتحدثون في المقابلات كل بحسب لغته . وهذه اللغات هي الإسبانية و العربية والفرنسية والبرتغالية بالإضافة الى الإنجليزية. وقد شكل هذا الجزء عبئا كبيرا على الباحث حيث استمرت الترجمة 4 أشهر من العمل وكلفت الكثير ماليا خصوصا اذا علمنا أن عدد الضيوف تجاوز 25 ضيفا وأن مدة كل مقابلة بين ساعة و4 ساعات للضيف الواحد . والمترجمين القائمين بالترجمة هم من المحترفين وهم كالتالي :
- من العربية الى الانجليزية أ عادل صلاحي مترجم من ومذيع سابق في قناة ال BBC
- من الإسبانية الى العربية أ. عبد الرزاق الفيلالي المترجم الرئيسي من الأسبانية الى العربية في قناة الجزيرة
- من البرتغالية الى العربية أ. يعقوب أربية من البرازيل
- من الإسبانية الى الانجليزية أ بيغونيا قومز من أسبانيا
- من الفرنسية الى الانجليزية أ خديجة بنغانا من السنغال
تاسعا : قام الباحث بكتابة نص الفلم مستخلصا من نتائج المقابلات وتم تقسيم الفلم الى جزئين كل جزء ساعة تلفزيونية ( 50 دقيقة ) يركز الجزء الأول على مدخل تاريخي للحضارات التي ساهمت في اكتشاف أمريكا قبل العرب الأندلسيين ثم تركيز باقي الحلقة على دور الأندلسيين في اكتشاف أمريكا . كما تم التعاقد مع مساعد تحرير نصوص أمريكي لمراجعة النص الانجليزي للفلم حيث هو النص الأصلي للفلم.
وفي الحلقة الثانية تم التركيز على الدور الأفريقي للملك أبو بكر الثاني في اكتشاف البرازيل .
عاشرا : قام الباحث بوضع الخريطة الاخراجية للفلم وتم التعاقد مع مونتير أمريكي يتقن بالإضافة الى الانجليزية الإسبانية والبرتغالية ليسهل عمل المونتاج .
حادي عشر: تم اختيار 3 مذيعين من أمريكا وكندا من المحترفين في تقديم البرامج الوثائقية ليتولى الأول تقديم الفلم ( الراوي ) والثاني تقديم المقطع الخاص بالدكتور علي الكتاني يرحمه الله والثالث لتقديم صوت المؤرخ العربي شهاب الدين العمري وهو يروي ما أخبره به الملك منسى موسى عن تفاصيل رحلة الملك أبو بكر الثاني الى غرب المحيط الأطلسي .
كما تم في النسخة الثانية باللغة الإسبانية أيضا التعاقد مع 3 مذيعين أسبان ليتولوا نفس المهمة وفي النسخة العربية والفرنسية سيكون كذلك من المذيعين المحترفين في الأفلام الوثائقية.
ثاني عشر: تم مونتاج الفلم على مدى 6 أشهر في اسبانيا حيث مقر المونتير وانتهت النسخة الانجليزية والإسبانية في شهر ابريل 2014 . كما تم ترجمة النص الى العربية والفرنسية ولكن لم يتم الى الآن عمل الدوبلاج لهذه اللغتين.
قصة الفلم:
كمخرج متخصص في الأقلام الوثائقية على مدى 20 عاما رأيت أن تكون محاور فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس متنوعة ومتدرجة, حيث المادة العلمية كبيرة وعدد الضيوف كثير وتطبيق المعايير الدولية في الانتاج الفلمي الوثائقي من حيث كثرة اللقطات وزمن وعدد مرات ظهور الضيف الى غير ذلك بالإضافة الى ضرورة تحقيق التشويق والصورة المعبرة. ولذا فقد تم تحديد عناصر اساسية للخطة الاخراجية للفلم تتكون من :
أولا: ان يقسم الفلم الى محاور كل محور في موضوع محدد وهذه المحاور هي :
- مدخل تاريخي للحضارات التي سبقت كولمبس في اكتشاف امريكا .
- تفكيك نظرية كولمبس المكتشف لأمريكا واستبدالها بأنه فقط أحد المكتشفين وليس أولهم.
- الدور الأندلسي في اكتشاف أمريكا والتركيز على الوثائق الغربية وخصوصا أرشيف قصر مدينة سيدونيا والذي يعد أكبر أرشيف خاص في أسبانيا وأوربا حيث يحوي 4 مليون وثيقة.
- اظهار الحضارة الأندلسية وانها كانت حضارة شاملة في جميع العلوم والميادين وانها جديرة باكتشاف أمريكا مقارنة بالأسبان الذين كانوا متفوقين في القوة العسكرية فقط ولم يكن لهم أي تاريخ علمي قبل الاكتشاف لأمريكا.
- توضيح العلاقة بين الحضارة الأندلسية وحضارة مملكة مالي في القرون 12 و13 وما بعدها حيث كان هناك اتصال ونقل لحضارة الأندلس الى تمبكتو جوهرة مملكة مالي الحضارية.
- التركيز على المكتشفين البرتغاليين للبرازيل مثل كابرال وغيره قبل كولمبس.
- شرح دور مدرسة المأمون ومدرسة الاسكندرية في الجغرافيا والفلك وانتقال العلوم منها الى الجزائر ثم الى ميوركا الأندلسية ودور اليهود الأندلسيين في نقل بعض هذه الخرائط الى مدرسة هنري الملاح في البرتغال.
- شرح التيارات البحرية التي تتكون في شمال وجنوب المحيط الأطلسي ودورها في الوصول الى امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية او الضياع في المحيط والغرق ودور جزر الخالدات او جزر الكناري في الخط الملاحي للوصول الى أمريكا وسيطرة المسلمين البربر عليها على مدى قرون ثم احتلال اسبانيا لها الى اليوم.
- التعريف بمملكة مالي والتي عاشت 250 عاما وسيطرت خلالها على وسط افريقيا وغربها لأكثر من 10 دول حاليا وكانت مالي أغنى مملكة في التاريخ الأفريقي .
- التركيز على رحلة الملك أبو بكر الثاني ملك مالي الاستكشافية والتي ارسل فيها 200 سفينة لاستكشاف المحيط الأطلسي قبل أن يسافر بجيشه على 2000 سفينة بعد ذلك .
- رحلة الملك أبو بكر الثاني الى البرازيل وتنازله للملك لأخيه الملك منسى موسى وما اورده المؤرخ العمرى عن هذه الرحلة.
- العلاقة بين الهنود الحمر في البرازيل والمسلمون من العرب الأندلسيين والأفارقة من مالي .
- تأثير اللغة والثقافة العربية والاسلامية على المجتمع البرازيلي تاريخيا .
ثانيا : التقسيم الفني للفلم :
تم من الناحية الفنية تقسيم الفلم الى مقاطع فلمية كل منها 5 الى 7 دقائق يتم بعدها عمل وقفات موسيقية او فلمية لتخفيف المادة العلمية للفلم على ان تكون هذه الوقفات بمعدل 7 الى 15 ثانية وأن تكون ذات اتصال بموضوع الفلم مثال:
- وقفة لصور جوية عن الأندلس من الجو
- وقفة عن أرشيف وقصر مدينة سيدونيا
- وقفة عن الفن المعماري في مسجد قرطبة
- وقفة عن مسجد سنكوري في تمبكتو
- وقفة عن مسجد ساوباولو
- وقفة عن المسجد الذي بني عام 1771 وحول الى كنيسة في مدينة سلفادور ولاية باهيا في البرازيل
- وقفة عن متحف العبيد في مدينة سلفادور ولاية باهيا في البرازيل
- وقفة للرقصات والموسيقى الأفريقية التي ظل السود البرازيليين يحافظون على تعليمها لأبنائهم وبناتهم.
- وقفة عن محميات الهنود الحمر في البرازيل .
الموسيقى التصويرية للفلم :
تم التعاقد مع موسيقار انجليزي درس الموسيقى الأندلسية والأفريقية بالاضافة الى دراسته للموسيقى الغربية وهو الموسيقار علي كييلر وطلبت منه توزيع المقاطع الموسيقية بما يتناسب مع المقاطع الظاهرة على الشاشة فالبلوز او الجاز تظهر مع جميع المقاطع الأفريقية وموسيقى الموشحات مع المقاطع الأندلسية وباقي الفلم موسيقى تصويرية عالمية .
الضيوف المشاركين في الفلم وتخصصاتهم :
أهم المصادر والمراجع التي تم الاستفادة منها في كتابة نص الفلم بالنسبة للباحث أو ضيوف الفلم من المختصين الذين تم استضافتهم في الفلم :-
هذه أهم المصادر والمراجع التي استخدمها الباحث خلال فترة الإعداد العلمي للفلم والمراجع التي اعتمدها او أشار اليها الباحثون في الفلم خلال المقابلات معهم . وتم ذكرها باسم المؤلف واسم الكتاب او المجلة او البحث دون تفصيل في أرقام الطبعات او عناوين الدور التي قامت بطباعتها .
- Gaoussou Diawara, Abubakari II Explorateur Mandingue
- Revista Brasileira,Alberto Da Costa E Silve ,Sobra a rebeliao de 1835 na Bahia
- Estudos arabes, Islamisom Negritude, Joao Baptista ,M. Vargens
- Luisa Isabel Alvarez de Toledo: África versus América
- Luisa Isabel Alvarez de Toledo: No fuimos nosotros (It wasn’t us)
- Lion vernal : Africa and the discovery of America
- Jose Hurtado, Columbus
- Barr fell : saga America
- Fleix Bayon , The Alhambra of Granada
- Joao Jose Reis, Salave Rebellion in Brazil
- Dr. Afetinan. The oldest Map of the World drawn by Piri Reis
- Leo Wiener, Africa and the discovery of America
- فان سيرتيما : الذين جاءوا قبل كولومبس
- دى لاس : الفكر العربى ومكانته فى تاريخ الغرب
- أعداد متفرقة من صحف ومجلات غربية ( نيوزويك – العالم الجديد – البرازيلية – ديلى كلاريون – هربرز ويكلى ).
- أعداد متفرقة من ملفات المسلمون في أمريكا الجنوبية نشرت في مجلة المجتمع الكويتية للباحث الصادق العثماني من البرازيل.
- جيفر يز : اصول الشعوب الامريكية
- د. ابراهيم علي طرخان , دولة مالي الاسلامية – دراسات في التاريخ القومي الأفريقي.
- الطيب عبد الرحيم محمد , الفلاتة في أفريقيا ومساهماتهم الإسلامية والتنموية في السودان.
- أعداد من المجلة التاريخية المغربية , تونس .
- د . حسين مؤنس : تاريخ الجغرافيا والجغرافيين فى الاندلس.
- د. عبد الله عبد الرحمن الخطيب , المسلمون في بنما.
- د. عبدالواحد أكمير و خوسية أنطونيو الكنتود , الحمراء مكان للذاكرة والحوار.
- محمد حسان عجاج , المسلمون في البارغوي والعلاقة بالعالم الاسلامي _ رسالة ماجستير.
- د. احمد رمضان احمد : الرحلة والرحالة المسلمون
- د. على بن المنتصر الكتاتنى : انبعاث الاسلام بالاندلس
- شهاب الدين ابو العباس احمد بن فضل الله العمرى : مسالك الابصار فى ممالك الامصار.
- محمد بن عبد المنعم الحميري , الروض المعطار في خبر الأقطار.
- ابن الوردى : فريدة العجائب وفريدة الغرائب
- ابو الحسن على بن الحسين المسعودى : مروج الذهب ومعدن الجواهر
- الشريف الادريسى : نزهة المشتاق فى اختراق الافاق
- خوان بيرنيط : هل هناك اصل عربى اسبانى لفن الخرائط البحرية
- مذكرات واوراق كريستوفر كولومبس
- د . احمد على اسماعيل : الادريسى وحديث الفتية المغررين مجلة العهد المصرى للدراسات الاسلامية فى مدريد المجلد 26 مدريد 1993م
- عباس محمود العقاد :اثر العرب فى الحضارة الاوروبية
- د . عبدالرجمن حميدة : أعلام الجغرافيين العرب
- اغناطيوس يوليا نوفتش كراتشكوفسكى : تاريخ الادب الجغرافى
- د . نجيب البهبيتى : المعلقة العربية الاولى
- هانكيه زود هوف : معذرة كولومبس لست اول من اكتشف امريكا
- احسان محمد قلندر , المسلمون في البرازيل الواقع والتحديات.
- د. عبد الواحد أكمير, ندوة الحضارة الاسلامية في الأندلس ومظاهر التسامح .
- الصادق العثماني , المسلمون بأمريكا الجنوبية والعودة الى الجذور.
- لوي كاردبااك . المورسكيون الأندلسيون والمسيحيون المجابهة الجدلية ( 1492 -1640 ) مع ملحق بدراسة عن المورسيكيين بأمريكا.
- أنطونيو دومينقر هورتز وبرنارد بنثنت ,تاريخ مسلمي الأندلس المورسكيون – حياة ومأساة أقلية.
- منشورات مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات ( المورسكيون في الأندلس وخارجها – المرأة في الأندلس – كرسات أندلسية)
بســم الله الرحـمـن الرحـيـم
النص الكامل باللغة العربية لفلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس :
فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس : الجزء الأول
الراوي:
لعل إحدى العجائب التي هي في فطرة الانسان مقدرته على الملاحة، فعلى الرغم من تحطم السفن وغرقها، ومن المخاطر التي تعتري ركوب البحر، فقد كان استكشاف المجهول دافع الانسان إلى المجازفة.
وفي الماضي البعيد كان الانتقال إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية مغامرة كبيرة، بل لعلها مغامرة تختلط بقدر من الغموض، وقدر من حب معرفة المجهول. واليوم لا يزال اكتشاف القارة الأمريكية أمرا له في التاريخ أبعاد عديدة.
فلقد كان اكتشاف أمريكا فاتحة لعدة قرون من الاستغلال وحروب الابادة، خدمة للقلة المنتفعة، ولكنه في الوقت نفسه أوجد تمازجا من الثقافات لم تعرفه البشرية من قبل.
لكن، متى كانت البداية؟
المعروف بين الناس أن كريستوفر كولمبوس هو الذي اكتشف امريكا مصادفة عندما رست سفينته في جزر البحر الكاريبي عام 1492. غير أن السؤال المهم هو هل كان هناك من وصل قبله عند تلك الشواطئ؟
وإذا كان هناك من سبقه وصولا، فهل تعاملوا مع سكان البلاد بالطريقة التي عاملهم بها المحتلون المستعمرون الذي تبعوا كولمبوس؟ ثم من كان هؤلاء السابقون: هل هم الفينيقيون، أم الفايكنج الاسكندنافيون، أم الصيادون اليابانيون، أم هم أباطرة مالي الافريقيون؟ من الذي اكتشف أمريكا قبل كولمبوس؟
لنرافق الدكتور خالد أبو الخير في رحلة تتوقف في افريقيا، وشبه جزيرة ايبيريا ثم القارة الأمريكية، ولنعرف المزيد عن الذين اكتشفوا أمريكا قبل كولمبوس.
لقد تعلمنا ما يتعلمه الطلاب في المدارس أن الذي اكتشف أمريكا هو كريستوفر كولمبوس في عام 1492، وأن الفضل يعود إلى فرديناند وايزابلا، ملكي اسبانيا، إذ استطاع كولمبوس بفضل كرمهما أن يحصل على تكاليف رحلته الشهيرة قاصدا الهند، ولكنه سجل اسمه كبيرا في صحائف التاريخ بفضل اكتشافه الذي غير اقتصاديات أوربا ومصير شعوب امريكا الوسطى والبحر الكاريبي وافريقيا.
ولكن ماذا إن كان اكتشاف كولمبوس، الذي جاء بويلات في أعقابه، هو الأخير أو الأحدث في ألف سنة من الصلات عبر المحيط الأطلسي بين امريكا والحضارات النامية في بلدان العالم؟ فقد وصل سكان أمريكا الأصليون إليها قبل حوالي ستة عشر ألف سنة عن طريق الجسر الأرضي المسمى جسر بيرنغ، فهم بذلك من أقرب سكان الأرض تاريخا. وقد توزعوا في مناطق مختلفة في أمريكا الشمالية والجنوبية وانعزلوا، غير أن الصلات تجددت فيما بعد.
ومن المتفق عليه عموما أن الفايكنج الاسكندنافيين وصلوا في القرن الحادي عشر إلى نيوفاوندلاند، جنوبي الدائرة القطبية الكندية واستقروا هناك، غير أن مهمة علماء الآثار والتاريخ هي اكتشاف صلات الأمريكيين عبر البحر المحيط مع الشعوب الآسيوية والافريقية وشعوب الشرق الأوسط قبل كولمبوس. ومن هذه الشعوب طبعا الفينيقيون.
دكتور خالد:
نحن الآن في جزر الكناري، التي كان المؤرخون العرب يسمونها الجزر الخالدة، وقد حضرت لمقابلة خوزيه هورتادو، أحد الخبراء القلائل الذين درسوا الخرائط العربية من ايام الأندلس، كما درس معظم الخرائط القديمة بين اوربا وامريكا.
خوزيه هورتادو
أعتقد أن الفينيقيين وصلوا إلى جزر البحر الكاريبي القريبة من فنزويلا، مثل ترينداد أو توباغو. بل إن الفينيقيين وصلوا إلى كل هذه الجزر.
الراوي:
يدل حجر بارايبا على أن البحارة الفينيقيين بلغوا اليابسة في البرازيل، وتركوا نقشا على الحجر يبين تفاصيل وصولهم هناك حوالي عام 500 قبل الميلاد. غير أن الكثيرين يشككون في هذا الدليل لأن الحجر الأصلي غير موجود. ولكن اكتشفت أشياء أخرى في ميناس جرايس يتفق الجميع على أنها من أصل فينيقي ، مما يعني أن الفينيقيين وصلوا قبل كولمبوس بنحو ألف سنة.
المساري:
من المستبعد جدا أن حضارة الفينيقيين الذين برعوا في الملاحة لم تصل إلى أمريكا. بل إن عالما برازيليا يدعى أسيبيدو يقول إنه قرأ أن في البرازيل بعض المخطوطات الفينيقية. وهذا الحجر الفينيقي موجود في بارايبا في البرازيل، مما يثبت أن الفينيقيين، ثم المسلمين، وصلوا إلى أمريكا قبل كولمبوس بعدة قرون.
الراوي:
ولم يكن الفينيقيون وحدهم، فالبحر يستضيف الملاحين من شتى بقاع الأرض.
يقول بعض المؤرخين إن البحارة المسلمين لم يتوقفوا عند الصين أو اسبانيا في أوائل القرن الحادي عشر، بل واصلوا رحلاتهم بعد ذلك بمدة وجيزة فوصلوا القارة الأمريكية .
كذلك انطلق سكان جنوب المحيط الهادي نحو أمريكا حوالي عام 300 ميلادية، ويتصادف تأريخ رحلة سكان الجزر البولونيزية من جنوب المحيط الهادي مع دخول زراعة البطاطا الحلوة في غرب أمريكا. ويعتبر الكثيرون ذلك دليلا مقنعا على الصلات بين الحضارتين، والتي تتأكد بدلائل لغوية كذلك.
ومن الروايات الأخرى أن الراهب الايرلندي سانت بريندن عبر الأطلسي ووصل إلى أمريكا الشمالية. وقد قام المؤرخ تيموثي سيفرِن بصنع زورق تقليدي ايرلندي من النوع المسمى كُرَّش صناعة يدوية، مثبتا إمكانية تحقيق رحلة الراهب البحرية، مقتفيا أثره في المحيط.
ومن الذين دخلوا أمريكا قبل كولمبوس الملك أبوبكر الثاني، إمبراطور مالي، المؤكد أنه رحل من مملكته ومعه ألفا سفينة في عام 1311 ميلادية، سابقا بنحو قرن من الزمان سفن جانك الصينية التي دارت حول القرن الافريقي ووصلت إلى أمريكا من شاطئها الشرقي.
وعلى هذا فمن البحارة البولينزيين إلى الفايكنج الاسكندنافيين، إلى الراهب الايرلندي، نرى الاتصال مع الأمريكتين عبر المحيط أمرا متكررا قبل كولمبوس. ولعل من أقدم هذه الاتصالات وصول اليابانيين عند سواحل الاكوادور في وقت ما بين عامي 2000 و3000 قبل الميلاد.
ترك البحارة البولنزيون معلومات ملاحية وتاريخا يتناقل بالرواية الشفوية عبر الأجيال. أما الحضارة العربية التي امتدت إلى افريقيا وعبر البحر المتوسط فقد تركت سجلا طويلا من التبادل التجاري وتراثا من رسم الخرائط لتدل على رحلات ابنائها إلى أمريكا.
الدكتور خالد:
هذا قصر لويزا ايزابيلا. وفي هذا القصر الذي يعود بناؤه إلى القرن الثاني عشر وورثته هي عن أبيها وأسلافها، تركت الدوقة لويزا أربعة ملايين وثيقة، وكتبت كتابا بعنوان “لسنا نحن”، تعني أن الاسبان لم يكونوا من اكتشف امريكا. وحاولت أن تثبت في الكتاب بالوثائق أن المسلمين والعرب هم الذين اكتشفوا أمريكا قبل كولمبوس بقرن من الزمان.
ايزابيل الفاريز دي توليدو
كان هناك قدر من اللعب بالألفاظ ، وخصوصا على كلمة “يكتشف”، بحيث أصبحت الكلمة تعني “يتعرف على”، فقالوا إن كولمبوس أول من وصل الشاطئ الأمريكي، غير أن أحدا لم يقل ذلك في زمانه، لأنه لم يكن ليصدقه أحد. تلك حكاية ملفقة، بل إن أحدا لم يفاجأ بما حدث، فقد كانوا يعرفون أن الرحلات البحرية تذهب وتجيء، وما كانت رحلته إلا واحدة من تلك الرحلات. وكان من المعروف أن أمريكا كانت أيام الرومان تسمى أفريقيا. وفي رحلة كولمبوس الثانية كان معه شخص يعرف كيفية الذهاب والعودة حيث يعرف كيف يحدد طريقه بالاعتماد على النجوم ووفق حساب المسافات، وذلك باستخدام المقايس العربية ، إذ كان المسيحيون يعتمدون على طرق اخرى لقياس المسافات. وكان المسلمون الذين يعيشون في امريكا كانوا يأتون ويرتحلون منها وإليها منذ زمن طويل.
أكمير
أسرة بنزون هي التي أسهمت بشطر كبير من تكاليف الرحلة الأولى، فقد اشتهرت هذه الأسرة بخبرتها البحرية منذ مدة طويلة، ولعلها كانت في القرن الخامس عشر الأسرة الأعلى شأنا في المجال البحري في شبه جزيرة أيبيريا كلها. إذ كانت سفنها تبحر بين البلدان الأوربية وشمال أفريقيا، كما كانت تتاجر مع المغرب. ولذلك كانت لها قوة اقتصادية كبيرة، بالإضافةإلى تقاليدها البحرية. وهي الأسرة التي ساندت كريستوفر كولمبوس.
أكمير
من المحتمل جدا أن هذه الاسرة كانت من أصل مغربي، فاسمها عربي الأصل (بنزون = ابن زين). وقد تنصرت هذه الأسرة في القرن الخامس عشر. لم تكن هذه الأسرة من غرناطة، بل من جهة أخرى من الأندلس. ومما يؤكد هذا الاحتمال أنه عند سقوط المدن الأندلسية قبل سقوط غرناطة احتفظ الكثيرون من المسلمين بأسمائهم ولكنهم حرفوها قليلا بعد تنصيرهم. كان المُدجنون مسلمين يعيشون تحت الحكم المسيحي قبل نهاية القرن الخامس عشر، ثم بعد سقوط غرناطة أصبحوا يُدعَون المغاربة (أو المورو). وعلى هذا فمن المحتمل جدا أن تكون أسرة بنزون من أصل إسلامي ثم تنصرت.
خوزيه هورتادو
من الواضح أن سكان ميوركا عبروا الأطلسي بطرق شتى. فقد كانوا يعرفون التيارات البحرية فيه، ويعرفون كيف يستفيدون منها. وقد وصلوا إلى بحيرة ماراكايبو لأن العرب وصلوها قبلهم. وذلك واضح لأنهم كانوا يستخدمون التقنية العربية في الملاحة، تماما مثلما فعل كولمبوس. هذا أمر لا يأتي تلقائيا، بل لا بد من أن يدرسه المرء ويتعلمه. فكيف تعلمه سكان ميوركا؟ لقد تعلموه من العرب.
جيسس فلورس
ما الذي اكتشفته دوقة مدينه سيدونيا في ابحاثها؟ لقد اكتشفت دلائل واضحة قاطعة على وجود المسلمين في أمريكا قبل اكتشافها رسميا من قِبل كولمبوس.
الدكتور خالد
نحن الآن عند بوابة جامعة سان باولو، التي هي من أكبر جامعات البرازيل، ونلتقي هنا مع بعض الباحثين وأساتذة الجامعة المختصين في التاريخ، بل في التاريخ المظلم في البرازيل.
ولكي أسلط الضوء على وصول سكان الأندلس والأفارقة إلى البرازيل قبل كولمبوس، سألتقي هنا مع الدكتورة أيرِس كانتور، أستاذة التاريخ في هذه الجامعة، وهي مختصة في تاريخ البرتغاليين في البرازيل.
أيرس كانتور
لولا المعارف العربية لما كان هناك توسع بحري. تلك حقيقة مؤكدة. لقد جاءت كل المعارف الرياضية من مصادر عربية، من مدارس طليطلة وكذلك من تِمبكتو. وكان لهذه المعارف أهمية كبيرة في إيجاد ثقافة جغرافية وملاحية. إن التأريخ البرتغالي يحاول الآن، في هذه الأيام، أن يعيد اكتشاف هذه المصادر العربية ذات الأهمية الكبيرة .
بعد انتهاء القرن التاسع عشر، وفي عام 1904 جرت الجدلية الأولى عندما عرض مؤرخ يدعى أودَم خريطة من خرائط أنجيلو بيانكو، ترجع إلى عام 1448، وتظهر البرازيل في هذه الخريطة على أنها جزيرة، ولكن الحق أن ما كان يظهر في الخريطة ليس البرازيل، بل هو رأس فيردي. وثار جدل كبير، ثم شارك في النقاش مؤرخون برتغاليون ليؤكدوا أن سكان البرتغال وصلوا أمريكا قبل كابرال و كولمبوس بنصف قرن.
الراوي:
وكما ذكرنا من قبل فإن الحضارة العربية تركت سجلا طويلا من التبادل التجاري مع افريقيا وعبر المتوسط، كما كان لها تراث من رسم الخرائط يدل على رحلات ابنائها إلى أمريكا. فهي بذلك تختلف عن تراث البحارة البولنزيين الذين تناقلوا معلوماتهم الملاحية وتاريخهم فيها بالرواية الشفوية عبر الأجيال.
وهذه الخرائط العربية، مثل خريطة بيري محيي الدين الرئيس، تشهد بفضل المعارف العربية والأندلسية التي اعتمد عليها كولمبوس ومعاصروه الأوربيون في الوصول إلى جزر الهند الغربية.
كان بيري الرئيس ملاحا تركيا شهيرا في رسم الخرائط، ويعتبر وصفه للعالم الذي كان يعرفه عام 1513 في خرائط كبيرة مهم في تأكيد ارتحال المسلمين إلى أمريكا. وإذا درسنا خرائطه التي تتألف من عشرين خريطة، فإن خريطة بيري الرئيس تظهر خطوط الطول الصحيحة عبر أفريقيا، وكذلك عبر الأطلسي عرضا من الاسكندرية في مصر وحتى البرازيل. وتظهر الخريطة كذلك الجزر التي تتوسط المحيط الأطلسي بدقة كبيرة. ولعل أهم ما في خريطة بيري الرئيس هو أنها تظهر سلسلة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، مع أن الأوربيين لم “يكتشفوا” الأنديز حتى عام 1527.
المساري
صحيح، وهذا دليل على أن المسلين كانوا متقدمين في المعارف الفلكية والجغرافية. والواقع أنه كانت لديهم خبرة واسعة في الملاحة. ولهذا يتساءل المؤرخون: كيف يُعقَل أن لا يهتموا بأمريكا اللاتينية، وأن لا يرتحلوا عبر المحيط الأطلسي؟ والقول إن هذه الحضارة لم تصل إلى أمريكا أمر لا يكاد يصدق.
أيرس كانتور
كتابة التاريخ الوطني تضم طرفا أسطوريا يراد الحفاظ عليه. وهم يريدون أن يحتفظوا لأنفسهم بمظهر البطولة في هذا التوسع، بينما لم يكونوا سوى روافد زادت على تراث الجغرافيين العرب، وكذلك على تراث الملاحين الأفارقة، والايطاليين. الحقيقة أنهم لم يكونوا وحدهم، بل كان المؤرخون البرتغاليون يعرفون أن البرازيل موجودة وأن هناك قارة أخرى، ولكنهم لم ينشروا هذه المعلومات لأنهم كانوا حريصين على احتكار الطرق البحرية.
اكمير
معروف أن كولمبوس كان في البرتغال وشبه جزيرة أيبيريا، وفي غرناطة على وجه التحديد، فكان يعتمد على المصادر العربية.
الدكتور خالد
عندما نبحر من نقطة على الساحل إلى نقطة أخرى فلا بد لنا من معرفة ملاحية وخريطة بحرية، كي نحدد طريقنا إلى المكان الذي نقصده، سواء كان جزيرة أو شاطئا. ولكننا عندما نكون في عرض البحر لا نرى إلا الماء والسماء. ولقد كان العلماء المسلمون في بغداد ثم في الأندلس من أول من طور قواعد الملاحة وأحسن استخدامها في السفر عبر البحار والمحيطات.
خوزيه هورتادو
كل الخرائط الميوركية والبرتغالية كانت تعتمد على قياسات المأمون وهذا يعني أن المعارف العربية وصلت إلى النصارى، أو إلى الحضارة الغربية، عن طريق راسمي الخرائط من اليهود. وكان الناس يذهبون إلى جزر باليريك وميوركا، ومن ميوركا إلى البرتغال… ومعنى هذا أن معرفة كولمبوس بالرياضيات كانت أكثر بكثير مما يدرس في الجامعات، ففي العصور الوسطى كانت المعرفة تعتبر من أسرار الدولة.
كانت مدرسة بغداد أهم كثيرا من مكتبة الاسكندرية، فقد كان فيها أكبر العلماء في العالم في دولة الخلافة الإسلامية يقيمون في بغداد، وهناك أسسوا مدارس متخصصة للرياضيات والعلوم الطبيعية، والفيزياء التطبيقية، والكيمياء، والزراعة. ثم انتقل هذا بعد ذلك إلى الغرب.
لكن لم تنتقل كل المعارف. ذلك واضح، ومن الأمور التي لم تصل إلى الحضارة الغربية كيفية رسم الخرائط. إذ كان ذلك سرا يحتفظ به راسمو الخرائط. وقد انتقل هذا مشافهة إلى المغرب وميوركا والبرتغال. وتعلم كولمبوس كل هذا بالطريقة التقليدية الشفوية. فنحن نعرف كيف تعلّم اليهود هذه المهارة، وبالطريقة نفسها تعلمها كولمبوس.
اكمير
العمل الأهم هو عمل المسعودي الذي عاش في القرن العاشر، وتحدث عن أميرال عربي اسمه الخَشْاخَش من أولفا. ونعرف أن كريستوفر كولمبوس بدأ رحلته الأولى من ميناء أولفا الذي يدعى بالوس دي لا فرونتيرا. إذ كان هذا ميناء شهيرا. أما الادريسي الذي عاش في القرن الحادي عشر وقام بعمل تاريخي إذ رسم أول خريطة للعالم، فقد تحدث عن مجموعة من الشباب يقال لهم “المغررون”، وهم شباب من لشبونة ركبوا البحر ليكتشفوا غرب المحيط الأطلسي. ونعرف أن هؤلاء الشباب وصلوا إلى بعض الجزر في المحيط الأطلسي. لقد واصلوا رحلتهم لمدة زادت على شهر، في ثلاث مراحل، الأولى أحد عشر يوما والثانية في اثني عشر يوما والثالثة مثلها. أي أنها كانت رحلة طويلة نسبيا. وعندما عادوا تحدثوا عن مغامرتهم، وكيف وصلوا إلى جزيرة غوتس، (أو جزيرة الماعز) وكيف تعاملوا مع سكانها. ولقد ظل هؤلاء وتاريخهم معروفا لمدة طويلة.
أيرس كانتور
ليس عندي شك أن أمريكا الجنوبية اكتشفت قبل كولمبوس. فنحن نجد في مخطوطات أمريكا الوسطى ذكرا لوجود أفريقي، مثل وصف الأفارقة الذين يحملون مظلات، ولهم رسوم في تلك المخطوطات التي ترجع إلى ما قبل العصر الكولومبي. هنا مثلا صورة لببغاء، والببغاء من أمريكا. أعتقد أن هناك أدلة كثيرة على أن الصلات والتجارة كانت قائمة بين الدول الأفريقية والدول الأمريكية قبل كولومبيا.
الراوي
صحيح أن مخطوطات أمريكا الوسطى التي تشهد بالوجود الافريقي والعربي في أمريكا من قبل العصر الكولومبي قد أتلفت خلال الاحتلال الاسباني، فإن السجلات التي كتبها الموظفون في الأندلس لا تزال موجودة في أرشيف قصر مدينه سيدونيا او مدينة شذونة، الذي يعتبر واحدا من أهم الأراشيف الخاصة في اوربا.
حمزة كتاني
لويزا ايزابيل ألفاريز من طليطلة، كانت دوقة مدينه سيدونيا، وتنحدر من أسرة من النبلاء في اقليم سيدونيا احتفظت بدوقية سيدونيا لعدة قرون. وكان أسلافها من قادة الأندلس، وكان منهم بعض القادة في البحرية الاسبانية.
الدكتور خالد
هذا قصر لويزا أيزابيلا الذي بني في القرن الثاني عشر، ولا يزال يحتفظ بطابع الحقبة الإسلامية، ففيه مسجد في الطابق الأسفل. وبعد سقوط غرناطة أجبر المسلمون على التنصر. كل هذه الأشجار.. أشجار البرتقال والزيتون تجعل هذا القصر محتفظا بالحياة رغم أنه بني من أكثر من ثمانمئة سنة.
جيسس فلورس
هذا القصر في مدينه سيدونيا له أهمية كبيرة في التاريخ الاسباني، لأن فيه معظم الوثائق التجارية بين أمريكا واسبانيا. فالقصر يقوم عند مصب نهر الوادي الكبير على المحيط. وقد جُمعت في هذا القصر أكثر من أربعة ملايين وثيقة، فهو بذلك أكبر مكتبة خاصة في أوربا.
الراوي:
ولدت دوقة ميدينا سيدونيا لأسرة احتفظت بموقع فريد في التاريخ والثقافة لعدة قرون. حافظت الدوقة في حياتها على أرشيف اسرتها التاريخي، واستخدمته، في مؤلفاتها التي نشرتها. وما كتبته يسجل تاريخا من التبادل التجاري، لم يقتصر على التبادل بين البحارة الأوربيين والمسلمين، بل بين العالم القديم والعالم الجديد.
أيزابيل ألفاريز
كيف يمكننا أن نستوعب أن رجلا من جنوة بإيطاليا يصحو صباح يوم فيتخيل وجود قارة، ويتصور أنه يستطيع أن يشق طريقه في بحر محيط لم يرحل فيه أحد من قبل؟ وهو بعد هذا بحارا سيئا ، وفجأة يبحر في سفينته.
اذن هناك أولا هذه الحكاية، ثانيا لنا أن نسأل: كيف يمكن أن تظل قارة كاملة معزولة وتصل إلى هذه الدرجة من الحضارة؟ من الطبيعي أن الأمريكيين الاصليين او الهنود الحمر كانوا يركبون البحر، بل ليس الأمريكيون وحدهم. إني أخاف أن أقول هذا، ولكن الواقع أن المسلمين الذين كانوا في أمريكا وكانوا يأتون ويرجعون الى هنا بشكل عادي على مدى طويل من الزمن.
ثم كيف يمكننا أن نفسر ذلك؟
لأنه بالطبع، ليس عاديا أن تكون مثل هذه الفكرة ممكنة، بدأوا بالبحث عن تفسيرات. فقالوا ان السبب غياب وسائل الملاحة والإبحار الغنومو gnomo ، والذي كان يُعْرَفُ بالإسبانية لابايستيا la Ballestilla وهي أداة كانت تستعمل للإبحار تقيس علو الأبراج تلك خرافة كما نقول بالإسبانية ، كانت هناك النجمة الثمانية التي كانت لدى المسلمين، والبوصلة التي كان يستخدمها الصينيون منذ 1000 عام تقريبا، لا أتذكر التاريخ بالتحديد، وحصل عليها المسلمون مباشرة، وقد وصلت قبل القرن الثالث عشر بمدة طويلة إلى إسبانيا. ثم يقال لنا أنهم لم يكونوا قادرين على عبور الأطلسي؟ ويقولون لنا لم تكن لديهم أدوات الملاحة، تلك كذبة كبيرة ،فقد كانت الأدوات متوفرة وكانوا يملكونها، لكنهم عندما يقولون هذا فإنهم إنما أرادونا أن أن نؤمن بالمتناقضات أو أن نكون جاهلين.
الراوي
ترى هل هناك أية حقائق مادية تؤكد الإدعاءات التي تنقض ما يقال عن دور كولمبوس في اكتشاف أمريكا؟
ايزابيل الفاريز
أنا لا أستند في بحثي على شيء إلا على الوثائق وبعض السجلات التي وثقت الوقائع ، ولا آخذ بالحكايات والأساطير، ثم لا بد من ربط السجلات بالوثائق. ، حاولتُ ربط السجلات بالوثائق، وحين لا يتوافر الدليل التوثيقي لا أعتمده، لكن هناك وثائق ليست للتاريخ، خاصة محاضر الأحداث وهي كثيرة في سيمانكاس Simancas ومحاضر الأحداث التي جرت خلال الإبحاروهناك محاكمات عما حدث خلال الرحلة.
الراوي
الأرشيف العام في سيمانكاس يحتوي على كل الوثائق التي صدرت عن الهيئات الحكومية في المملكةالإسبانيةمنذ أيام الملكين الكاثوليكيين عام 1475. وهذا الأرشيف يمثل مجموعة كاملة ومطردة من الوثائق التي تعبر عن الذاكرة التاريخيةالإسبانيةمن القرن السادس عشر حتى الثامن عشر.
ايزابيل الفاريز
وفي سيمانكاس هناك العديد من الوثائق عن هذه الرحلات في السجل العام، وهذا كان مفيدا جدا لي. حاليا هناك أربع أو خمس وثائق تتحدث بشكل واضح عن كولومبوس، والغريب أنها لم تنشر إلى يومنا هذا، لأنه مع هذه الوثائق الأربع تنتهي اسطورة كولومبوس، لن تحتاج شيئا آخر.
الراوي
وإذا كانت هذه الوثائق أساسية لفهم حقائق جوهرية عن التاريخ الحقيقي للاستعمار الغربي، فما الذي يجعلها مجهولة؟
أيزابيل الفاريز
كان هناك كثير من الحماس في عام 1992. وقد نشرت كل وثيقة عن كولمبوس حتى آخر ورقة كتبها كولمبس، غير أن الوثيقة الوحيدة التي تذكر كولمبوس في هذا الأرشيف لم تنشر، وهي الوثيقة التي وضعت عليها في القرن الماضي علامة تقول “احذر، وكن حريصا”. ولكنني وبالمناسبة نشرتها في كتابي، ويمكنك الاطلاع عليها.
الراوي
لماذا تظل هذه الوثائق بعيدة عن أعين الناس اليوم، بعد قرون مما يسمى اكتشاف امريكا؟ ترى هل تعتبر الملكيةالإسبانيةأنها تستفيد كثيرا من غمط البحارة الأندلسيين والأفريقيين حقهم؟
ايزابيل الفاريز
لاشك أن إزاحة المنافسين كان يتم عن قصد، وهذا يعني أنه كانت هناك فكرة مبيتة للاكتشاف. جاء في الوثيقة الأولى عام 1463 في الرسالة الملكية (مرسوم Enrique IV الأول، والذي يعود إلى 10 يناير 1463) جاء فيها “تم اكتشافها مؤخرا” هكذا جاء في الأوراق الأصلية، وفي الكتاب أوردت النص بالكامل، حتما لم تكن هذه الوثيقة نتيجة لخطأ.
الراوي
إن ما توصلت إليه الدوقة يعتبر كشفا كبيرا يجعل حدثا من التاريخ المعروف عند معظم الناس ينقلب رأسا على عقب: ألا وهو اكتشاف أمريكا قبل بدء رحلة كولمبوس الأولى بقرابة ثلاثين سنة.
ايزابيل الفاريز
لم أر قط في حياتي وثيقة كهذه. في السنة التالية عام 1464 كانوا على وشك أن يبيوعونها الى دوق مدينة سيدونيا في طريفا Tarifa بدعوى أنها أرض خطرة يسكنها الموروس (او المغرب ) وبما أنها خطيرة، فلا يريدونها ما يعني أنها لا تصلح لهم. ما جرى أن الموروس كانوا على علاقة بأحد اللوردات في مدينة سيدونيا هناك ولم يكن لهم مثله مع الاخرين من المدن الأخرى التي طرد منها المورسكيين. كل شيء مؤرخ. وهذه الوثيقة ثم توقيعها في طريفا Tarifa في فبراير 1464، وهناك نسخة أصلية منها.
الراوي
ترى ماذا تعني هذه النقلة الكبيرة للمؤرخين ولعامة الناس على السواء؟ ذكر الدكتور على الكتاني، أحد الخبراء الذين درسوا اكتشاف أمريكا من قبل الأندلسيين في محاضرة ألقاها ما يلي:
د. علي كتاني
هذه الوثائق تكشف الكثير من الحقائق التاريخية، الدوقة أبلغتني بأنها تملك الكثير من الوثائق التي تثبت العلاقة بين الممالك الإسلامية والأندلس وأمريكا الجنوبية قبل كولومبوس، كما أنها تملك وثائق تظهر العلاقات الاقتصادية بين مملكة المغرب وأمريكا اللاتينية. ومن الأسرار التي كشفتها هي أن هذه الوثائق تظهر أن ياسين والد عبد الله بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين – قطع المحيط الأطلسي وذهب إلى مناطق شمال البرازيل وغينيا، ونشر فيها الإسلام. ذهب إلى هناك مع جماعات من أتباعه، وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية. أي: إن الدولة المرابطية لم تكن في شمال إفريقيا والأندلس والبرتغال فحسب، وإنما كانت أيضا فيما يسمى الآن شمال البرازيل وغينيا، وهذا موثق بالوثائق التي تملكها الدوقة المذكورة.
الراوي
لعلنا نتساءل: طالما أن كل هذا الحجم من الوثائق موجود، ولكنه مهمل، فما الذي يمكن أن نتعلمه منها؟
جيسس فلورس
فلنضرب مثلا: كتبت الدوقة ايزابيل الفاريز كتابها الأول “لم نكن نحن” الاسبان من اكتشف أمريكا. ثم نشرت الطبعة الثانية المنقحة لكتابها الآخر “أفريقيا في مواجهة أمريكا”، وفي الكتابين صور للعديد من الوثائق، منها مثلا وثيقة من أمريكا تعود لعام 1370، تظهر حيوانات وطيورا منها الببغاء.
الراوي
في عام 1370، كان هناك سوق للبضائع المتبادلة بين اسبانيا وأمريكا. كان ذلك قبل رحلة كولمبوس التاريخية الأولى بأكثر من مئة عام. في ذلك الوقت لم يكن أي من كريستوفر كولمبوس أو الملكة ايزابيلا أو الملك فيرديناند قد ولدوا بعد.
جيسس فلورس
فلنقل إنه كان لدينا قبل قرن من اكتشاف امريكا وثائق ومخطوطات برسوم وصور للطيور الأمريكية. بل كان هناك المزيد، إذ وجدت الدوقة ايزابيل الفاريز وثائق تبين وجود علاقات تجارية بين مملكة غرناطة وأمريكا: منها فواتير ووثائق تجارية تذكر منتجات أمريكية، كالفلفل مثلا، وملابس ومصنوعات أمريكية تباع في غرناطة.
د. علي كتاني
الكتاب يجمع بين طياته عددا كبيرا من الوثائق التي تدلل على الحضور الإسلامي في أمريكا اللاتينية قبل وصول كولومبوس، وثائق تكشف كذلك حقائق تاريخية عملت الكنيسة الكاثوليكية ومحاكم التفتيش على إخفائها أو إتلافها، ليس فقط في إسبانيا بل في أمريكا اللاتينية كذلك.
جيسس فلورس
اكتشفت الدوقة ايزابيل الفاريز مثلا أن الملك فيليب الثاني حاول أن يفرض ضرائب على الصيادين الأندلسيين الذين كانوا يصيدون الأسماك في مياه فنزويلا، ولكن ما لديها من وثائق تبين أنهم أجابوه بأنهم منذ مئات السنين يدفعون ما عليهم من ضرائب لسلطان فاس، لأن مياه فنزويلا لا تخضع للملك فيليب، بل لسلطان فاس في المغرب.
د. خالد
سألتقي مع واحد من أهم الخبراء في العلاقة بين البرازيل وأفريقيا، وهو ألبرتو دا كوستا إيسيلفا، سفير البرازيل في نيجيريا لسنوات عديدة. وهو مؤرخ له كثير من الأبحاث في ثورة مواطني مالي في البرازيل. كما أنه كخبير في تاريخ البرازيل درس رحلة أبوبكر الثاني إلى البرازيل.
البرتو دا كوستا
كان على يقين أن العرب هم السادة في هذه المحيطات، وكان طبيعيا أن يحاول البرتغاليون الحصول على مساعدة الربابنة العرب، إذ كان هؤلاء يعرفون كل شيء وهم لا يعرفون شيئا عن هذه البحار لقد تعلم البرتغاليون الملاحة من الربابنة العرب الذين كانوا السادة والمعلمين.
جيسس فلورس
قرر الملوك الكاثوليك تحويل علاقة الاقتصاد التجاري مع أمريكا إلى علاقة الاقتصاد الرأسمالي القائم على سلب الخيرات، قرروا استعمارها، أي استعمار ما كان قد اكتشف من قبل. ونظرا لوجود مشكلة سياسية مع البرتغال، فقد قرروا الانتظار حتى يكون البابا من اسبانيا، فيقسم العالم بينهم على أساس الخرائط المعروفة، ويبرر احتلال القارة الأمريكية. والأمر الذي تؤكده أبحاث كثيرة هو أن كلا الدولتين، اسبانيا والبرتغال، كانتا تكذبان لتحقيق أغراض سياسية، ولتبرير استعمار قارة كانت لها علاقات اقتصادية سلمية مع مملكة غرناطة، وشبه جزيرة أيبيريا والمغرب.
الراوي
مع اكتشاف كل هذه الأدلة المقنعة، لماذا لا نرى هذه الحقائق التي تبينت لنا تحل محل الفكرة السائدة القديمة؟ من الذي يحرص على إبقاء التاريخ المزيف؟
ايزابيل الفاريز
أولا الذين يعتمدون في حياتهم عليه علينا أن لا ننسى أن كولومبوس كان كاثوليكيا أبيضا، وكل من يتعيشون من قصة الاكتشاف هم كاثوليكيون بيض، ماذا يعني كل هذا؟ معناه أن كل من ليس كاثوليكيا أبيض تم إقصاؤه من إمكانية عبور المحيط، ويعتقد أنه لم يكن قادرا على اجتيازه.
الراوي
هذه المحاولة المتعمدة لطمس التاريخ كان لها عواقب وخيمة على من حاول التغلب عليها.
ايزابيل الفاريز
كانوا يريدون الحصول على حقوق حقوق احتكار الامتياز لأمريكا ومعها احتكار اكتشاف الذهب، كيف كان سبيلهم إلى ذلك؟ كان بالحفاظ على السر لطريق الوصول الى امريكا. وهناك رسالة من إيزابيل الكاثوليكية تعود إلى عام 1480 تحوي العديد من الإشارات، تتحدث عن وصول رجال إنجليز إلى إسبانيا، لأنه كان من الممكن الذهاب من اسبانيا إلى أميركا كانوا يذهبون ويجيئون ولكن كيفية الوصول إلى الذهب لم تكن معروفة، الإنجليز جاءوا للبحث عن بحارة إسبان وأندلسيين يمكنهم الإبحار عبر غينيا ومنطقة الذهب، وكانوا منتظرين في إشبيلية وبالوس احتياطا وحين بلغ ذلك الملكة إيزابيل، استدعتهم على الفور وسجنت كل من كان على اتصال بهم، أيا كان، أكان إسبانيا أو من الأندلس، ـ وأدخلتهم إلى السجن
ايرس كانتور
استخدموا رسم الكون الذي قام به ديوارتو باشيكو بيريرا الذي عاش في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، ودرس طولوميو ومصادر أخرى ووصف ما قام به من زيارات، واطلع على المصادر القديمة. وهو يصف هنا كيف تم استعمار غرب أفريقيا. وهذا مصدر مهم بالنسبة للبرتغاليين يثبت أن كابرال لم يكن أول من وصل إلى البرازيل.
الراوي
كل هؤلاء الخبراء يجمعون على أن هذا القصر، أو هذا المفترق بين الطرق البحرية، يضم واحدا من أهم الأراشيف التي تهدم خرافة أن كولمبوس هو الذي اكتشف امريكا.
د. خالد
عند البحث عن الطرق البحرية والخرائط الملاحية التي تثبت أن البحارة الأندلسيين عبروا الأطلسي ووصلوا إلى أمريكا بين القرن التاسع والقرن الحادي عشر علينا أن نتذكر أن الأندلس كانت في تلك الآونة في ذروة الحضارة الانسانية. إذ شهدت مدنها، مثل قرطبة وغرناطة، تقدما ومكتشفات علمية كثيرة.
سلمى
عرفت قرطبة الورق لأول مرة في نهاية القرن العاشر وبداية الحادي عشر. ويذكر المؤرخون أن مكتبة قرطبة أيام الخليفة الحَكَم الثاني كانت تضم أكثر من نصف مليون مخطوطة، بينما كان في المكتبات الأوربية مئتان فقط من المخطوطات. وغني عن القول إن هذا ساعد على انتشار المعرفة.
الكل يعرف مسجد قرطبة، ولكن في ذلك الوقت كان في قرطبة 800 مسجد يتم تلقي العلم فيها. وكان فيها 600 مدرسة، وخمسون مستشفى، وستمئة فندق. نحن نتحدث إذن عن القرن الثامن عندما بدأت قرطبة تزدهر وتعطي ثمارا انتفعت بها البشرية كلها. لم يكن مسجد قرطبة مسجدا للصلاة والعبادة فقط. بل كانت فيه حلقات تعليم كثيرة، لا تقتصر على تعليم القرآن واللغة العربية، بل تعلم كذلك الطب والفلك والفلسفة والزراعة وغير ذلك من العلوم. فقد حققت قرطبة تقدما كبيرا في مجال الري وطرقه، والاستخدام الأمثل للماء، لأن الماء عصب الحياة.
د. خالد
هذه جيرالدا، أو المسجد الكبير. أول ما نراه من المسجد هو المئذنة، وقد بنيت هذه المنارة قبل أكثر من 800 سنة، ولا تزال أعلى مبنى في اشبيلية. وتظل الهندسة المعمارية الأندلسية هي الأفضل في هذه المنطقة. وإلى اليسار نجد بوابة المسجد حيث قام الاسبان ببناء كاثدرائية ضخمة هنا بعد سقوط اشبيلية. ونرى هنا أمرا عجبا، إذ إن الفنادق والمكاتب والمقاهي عندما تحب أن تعلن عن نفسها وخدماتها تبرز أنها تستخدم الديكور الأندلسي. صحيح أن الأندلس قد ضاعت قبل 500 سنة، لكن هندستها المعمارية لا تزال قائمة هنا.
فيصل الشرادي
عندما نتحدث عن الفن الاسلامي لا بد أن نضعه في إطاره الصحيح، فما هو هذا الاطار؟ في رأيي يبدأ الاطار في تحديد الموقع الجغرافي. ونحن هنا نتحدث عن فن العمارة الإسلامية الأندلسية. وأرى أن الموقع الجغرافي للعمارة الأندلسية كبير الأهمية، لأن الأندلس تقع عند طرف البحر الأبيض المتوسط، وهي كذلك عند مفترق بين حضارات عظيمة، مثل الفينيقية والرومانية والاغريقية… كل هذه الحضارات جاءت إلى الأندلس، وكذلك وصلها فن العمارة الإسلامية. جاء المسلمون وجاؤوا معهم بفنهم المعماري، وأساليبهم في البناء ومواد جديدة للبناء.
د. خالد
عندما احتل الاسبان طليطلة في القرن الحادي عشر، دعا ملوك مالي العلماء المسلمين فيها للقدوم عليهم في تمبكتو، كي يؤسسوا حضارة افريقية في مالي. فأنشأ هؤلاء العلماء جامعة سانكوري، وبنوا المكتبات والمساجد. فكانت تلك بداية صلات مزدهرة بين الحضارتين: حضارة الأندلس وحضارة مالي.
انتونيو مانويل
يجب التوضيح أنه من الواضح جدا أنه تم انتقال المعارف والعلوم الأندلسية قبل احتلال غرناطة، وهذا جد مهم، لأن ما جرى قبل هو أندلسي محض، وما جرى فيما بعد هو موريسكي، الأندلسي أخذ إلى الأندلس معارفه، بينما الموريسكيون تم طردهم بعد ما اعتنقوا في أغلبيتهم الديانة الكاثوليكية، كما كانوا يحملون أسماء كاثوليكية، فكانوا يسمون بارغاس وكوبو، خط الاتصال بين الأندلس ومالي يعود الفضل فيه إلى عائلة قاضي، وأبرز شخصياتها محمود قاضي (قاضي سيدي محمود بن عمر)، الذي كان أهم مؤرخ لتاريخ إفريقيا آنذاك، وكان التقي مع أشهر الرحالة وهو الذي عرف بلقب “الأسد الأفريقي”، والتقى بشعراء من مثل الفساسي الملقب بالقرطبي ،و الذي ينحذر من قرطبة.
والذي حمل معه كل التراث الأدبي لقرطبة إلى إيمازغن، ومن جانب آخر، فن العمارة من طرف الساحلي الذي كان من غرناطة، والمعروف بالغرناطي، لكن يجب التركيز أن المهم هو أنه سواء الفساسي أو الساحلي أو محمود القاضي قاموا بنقل ما كان يصنع في الأندلس، وهو مزج العمارة الأندلسي وما هو خاص بها وما هو موجود هناك في النيجر المنطقة التي هم فيها، الكاتدرائيات أو المساجد الضخمة التي شيدت والمئذنات والجوامع والمباني الدينية التي كانت تشيد في منطقة النيجر هي فريدة في طابعها، نعم مستوحاة من العمارة الأندلسية، لكنها في الأصل تعكس طبيعة المنطقة التي أقيمت فيها، فهي تعكس عمارة مملكة مالي رغم أن اصلها أندلسي، فليس فيها من الأندلسي سوى الأصل الذي تم تحويله ومزجه بما هو محلي.
د. خالد
لمعرفة المزيد عن الملك أبي بكر الثاني سافرنا إلى باماكو في مالي لمقابلة المؤرخ الدكتور غاوسو ديوارا، مؤلف الكتاب الوحيد في العالم عن الملك أبي بكر الثاني
غاوسو ديوارا
نعرف عن البحارة من الماندينكيين لأن الملاحين العرب كانوا ينزلون على السواحل الافريقية ابتداء من القرن العاشر، أي قبل الأوربيين بعدة قرون. ونحن نعرف هذا لأنه كانت هناك تجارة مزدهرة مع الماندينكة عبر العرب. كان الماندينكة متقدمين في فنون الملاحة بالنسبة لعصرهم. ولكن الشيء المدهش هو أن أحدا لم يكن يتصور أنهم كانوا قادرين على عبور البحر المالح.
أنتونيو مانويل
يمكننا القول إن مالي تمثل نموذجا لكيفية تحول الأندلس والمجتمع الأندلسي إلى نخبة من الفلاسفة والعلماء، ليس فقط على مستوى العالم العربي والإسلامي، ولكن كذلك على مستوى الغرب الأوروبي، هوة عميقة تفصل بين الفلسقة وفن العمارة والفكر الإنساني والطبي عند النخبة الأندلسية والبقية، وهي معروفة، والأهم من كل ذلك أنها سهلة التمييز. من يسافر من طنجة إلى تومبوكتو يمكنه التمييز بين ما هو أندلسي وما هو غير ذلك، مثلا في الموسيقى وفي فن العمارة. والسؤال كيف ذلك؟ يروى بأن هذا بفضل عائلة قاضي التي انتقلت من طليطلة إلى تومبوكتو ولكني أظن أن هذه مجرد حكاية تروى ، أقول ذلك لأن انتقال فن العمارة لم يكن بهذا الطريق الوحيد.
الراوي
سبب آخر يتجلى في قصة أبي بكر الثاني، الذي كان يعرف أيضا باسم مانسا محمد حاكم الامبراطورية الأكبر في عصره، وهي امبراطورية مالي في القرن الرابع عشر.
باتهي دياغني
كان أبو بكر الثاني أشهر ملوك مالي، فهو الملك الذي عبر المحيط الأطلسي من مالي إلى ما أصبح يعرف باسم الأمريكيتين.
الراوي
حسب الرواية التاريخية، كان أبو بكر امبراطورا لسنتين فقط عندما قرر أن يفعل شيئا لم يفعله أحد من قبل ولا من بعد.
باتهي دياغني
يبدو أنه قال لنفسه: لقد فتحنا غرب أفريقيا، فأصبحت أفريقيا كلها تتبعنا. ونحن نسافر إلى مكة وإلى القدس. مالي دولة قوية مرهوبة الجانب. إذن الشيء المتبقي هو أن نعبر المحيط.
فلم نحن اكتشفنا أمريكا قبل كولمبس : الجزء الثاني
الراوي
كان طموح أبي بكر الثاني للاستكشاف أكبر من رغبته في حكم امبراطورية كانت الأكبر في زمانه. ويرجع نجاحه بالدرجة الأولى إلى الملاحة العربية والافريقية، ثم إلى أن أوربا كانت قد بدأت تتطور وتنهض. سنعرض في هذا الجزء الثاني ما قام به أبو بكر من استكشاف، ونرى تدابير استعداداته، ثم نتفحص الأدلة على وصوله إلى أمريكا وما أعقبه من وجود أفريقي في كل أنحاء أمريكا اللاتينية. هذا ماسنتحث عنه في الساعة المقبلة
لا يكاد المرء يتخيل أن يقوم أحد حكام الدول الكبرى في عالمنا اليوم بالتخلي عن السلطة من أجل محاولة اكتشاف الفضاء الخارجي مثلا. لكن أبا بكر الثاني لم يكن حاكما عاديا.
غاوسو دياوارا
يمكن أن نقسم ملوك مالي إلى ثلاث فئات، ويمكن أن نقول باختصار إن مملكة سندياتا وطلمنكة كانت مركز القوة والفتح. أما مملكة كانكو فكانت مرحلة القوة الاقتصادية ووفرة الذهب. أما ثالث وآخر الملوك فهو الذي جاء بالمعرفة وبالثراء الذي يتجاوز القوة السياسية، فهو الذي تخلى عن السلطة ليكتشف إن كان للبحر نهاية. ولذلك أبحر متجها إلى الطرف الآخر من الأطلسي، ولست أدري إن كان قد وصل إلى أمريكا. فهو فضل أن يرتحل ليعرف إن كانت هناك أراض بعد البحر يجدر به أن يكتشفها.
الراوي
كانت لمالي علاقات وطيدة ومزدهرة مع بلدان الشرق الأوسط، كما إن علاقة مالي مع الثقافة الإسلامية والعربية كانت جزءا من عملية تبادلية ربما استطاعت أن تقوم بدور فعال في تطوير وتنمية المعارف البحرية في الأندلس وافريقيا.
اكمير
وصل الملاحون المسلمون إلى ميوركا ومينوركا وايبيزا لأول مرة في القرن التاسع، ومعنى هذا أنه كان لدينا تقليد بحري كبير الأهمية من الناحية العسكرية. ولكن العرب بدؤوا في الوقت نفسه تطورا علميا كبيرا في كل المجالات، بما في ذلك آلات الملاحة، ورسم الخرائط وعلم الفلك. وكل هذا موثق تماما في المخطوطات والأعمال التاريخية التي تشهد بما فعل العرب.
يقول الحميري إن عرب الأندلس والمغرب كانوا يعرفون المحيط الأطلسي جيدا، وأن ما خبروه وعرفوه من الأطلسي يمتد من خليج غينيا إلى شبه جزيرة بريتاني في شمال شرق فرنسا. لقد عرف العرب كل هذا مما يعني أن بحر الظلمات، كما كانوا يسمونه او الأطلسي، لم يكن شديد الظلمة بالنسبة لهم. فلقد بدأ العرب في التعرف عليه في القرن الرابع عشر.
هناك أناس يشبهون في ملامحهم سكان البلاد الأصليين، سواء في سماتهم أو شعرهم أو لون أعينهم أو وفرة الشقرة في الرأس. وكل هذه دلائل على أن كريستوفر كولمبوس كانت لديه معلومات مؤكدة عن البلاد التي كان سيكتشفها.
باتهي دياغني
… في تلك الحقبة من الزمن كانت مالي ضمن العالم الإسلامي، مما يعني أنه كانت هناك عوامل شتى، فقد كان الماليون يذهبون لأداء فريضة الحج، وكان لديهم عدد من المفكرين العرب. ولعل هذا ما أثار فضولهم لمعرفة المزيد عن العالم الذي يعيشون فيه.
كانت مالي تعتبر من أغنى دول العالم، فقد كان سكانها يبيعون الذهب، حتى وإن لم يكن الذهب من إنتاجهم. ربما كانت مالي تنتج قسما من الذهب الذي تبيعه، أما الباقي فكان يأتيها من بلدان غرب أفريقيا، وكانت السلطة السياسية في مالي تتحكم في تجارة الذهب. كان هذا أمرا شديد الأهمية، وكان لمالي جيش ضخم قادر على حماية حدودها، وهذا ما أعطى مالي أهمية كبيرة في التاريخ الآفريقي.
غاوسو دياوارا
كانت غامبيا جزءا من امبراطورية الماندينكة، وقد امتدت حدود مالي حتى غامبيا، ولربما كان ابو بكر الثاني فكر في الرحلة إلى الجانب الآخر من الأطلسي ليرى إن كان هناك أقوام في الساحل المقابل، ولربما اتجه تفكيره إلى اتخاذ إجراء وقائي، كي لا يكون الآخرون هم البادئون، فهو يريد الوصول إليهم ليقيم جسرا بين أمريكا وأفريقيا.
باتهي دياغني
أعتقد أن فكرة الملاحة عبر المحيط كانت قائمة في امبراطورية مالي. فما كان من جانب البحر إلى الداخل كان جزءا من امبراطوريته، بمعنى أنه كان يعرف ما في هذه الامبراطورية، وأراد أن يعرف ما في خارجها. والذي هو خارج الامبراطورية هو البحر المحيط. وقد قال له مستشاروه إنه إذا عبر المحيط فإنه سيصل إلى قارة أخرى.
ألبرتو دا كوستا إيسيلفا
كانت التيارات البحرية مواتية، وإذا كان لديه ما يكفي من الطعام والغذاء، وما يكفي من الماء للشرب، فإن من المحتمل جدا أن يكون وصل إلى أمريكا. ولكنه لم يعد إلى افريقيا، أو أنه إن كان أراد العودة فإنه لم يصل.
د. خالد
هذا مسجد السلفادور في باهيا، ونشاهد هنا كتابة عربية في المسجد الذي تحول من بعد إلى كنيسة. يقولون هنا إنه بني عام 1771، ولكنهم لا يعرفون أن فيه كتابات عربية، مع أن القبلة في هذا الجانب، متجهة بالاتجاه الصحيح إلى الكعبة. كذلك نرى هنا المنبر في هذا الجانب حيث كان الامام يقف ليخطب الجمعة.
باتهي دياغني
أعتقد أنه كانت لتمبكتو جاذبية خاصة، وكانت ذات مكانة عالية لأنها تستخدم اللغة العربية، ولصلاتها بالعالم العربي الذي كان رمز التقدم في تلك الأيام. وكانت للثقافة العربية والعلوم العربية، بل ولدين العرب مكانة عالية في هذه البلاد. ومن هنا نرى أهمية مالي في التاريخ الافريقي.
غاوسو دياوارا
كان المحيط يسمى “الفنجسي”، أي رمز القوة، والذي يستطيع أن يعبر المحيط تصبح لديه القوة. وعندما شاهد الماندينكة العرب يعبرون المحيط شعروا أنه لا بد لهم من امتلاك القدرة على الملاحة عبر الأطلسي. عندها اتصلت امبراطورة الماندينكة مع طلمنكة لتشكلا معا “غابة” ساحل غامبيا على الأطلسي. وأخيرا باتت هناك ضرورة لعبور الأطلسي، وجاءت الرغبة في تحقيق الفكرة المبدعة في إنشاء جسر بين الجانبين. وكان أبو بكر الثاني من أول من أدرك فائدة إقامة جسر بين شعوب الجانبين.
أنتونيو كارلوس
بناء على ما جمعته على مدى سنين طويلة أستطيع أن أقول إن الحوادث التي تُوّجت بوصول المسلمين إلى البرازيل تمت على ثلاث مراحل. فالمرحلة المحددة الأولى تمت بعد وصول المسلمين إلى قرطبة عام 711 ميلادية، إذ يقدر بعض الباحثين أن المسلمين وصلوا إلى أمريكا الجنوبية عام 715. أما بعد ذلك فبالرغم من ندرة الأبحاث الأكاديمية إلا أن لدينا معلومات عن بعثة بحرية اتجهت من مملكة مالي القديمة في افريقيا إلى البرازيل، وأن ملكها عبد الرحمن أو أبو بكر الثاني أرسل هذه البعثة التي كانت تضم أكثر من ألفا سفينة. ولا نستطيع الآن أن نحدد على وجه الدقة الاقليم الذي وصلته بعثة امبراطورية مالي، غير أن لدينا آثارا وعلامات واضحة عن وجود أحفاد هذه البعثة في المناطق الداخلية ولا سيما في ولاية باهيا، حيث يوجد موقع حفريات أثرية فيه مخلفات من هذه البعثة، وتظهر هذه المخلفات الطريق الذي سلكته البعثة وتدل على أنها بعثة مسلمين.
الراوي
من امبراطورية مالي الإسلامية خرج واحد من المستكشفين، لعله من أكثر من عرف العالم جرأة من المستكشفين، وإن كان لا يعرفه الكثيرون.
مصطفى كاتي
كان أبو بكر الثاني أحد ملوك امبراطورية مالي، وهو ابن أخي ساندياتا كيتا، مؤسس هذه الامبراطورية. وقد تقلد ابو بكر الثاني الملك بعد ساكورا، الذي كان عبدا مملوكا ولكنه استولى على الحكم. ونعرف أن الامبراطوريات لم تكن تسمح لعبد أن يتولى الملك أو يتقلد منصبا رفيعا. وعلى أية حال استطاع أبو بكر أن ينتزع السلطة ويطرد ساكورا. وبما أن مؤسس الامبراطورية كان عمه، فقد تقلد الملك، أما اسمه فهو عبد الرحمن. وقد اشتهر أبو بكر الثاني بمحاولته اكتشاف المحيط الأطلسي ونهايته. فهو يعتبر ملكا عجيبا في إطار تقاليد الماندينكة التاريخية. هذا الملك رفض أن يقبل فكرة أن المحيط لا نهاية له. وأراد أن يتحقق بنفسه من نهايته، ولذلك ذهب على رأس بعثة كبيرة لاكتشاف العالم الجديد، أمريكا.
غاوسو دياوارا
كان أبو بكر الثاني من ملوك الماندينكة من سلالة ساندياتا كيتا مؤسس امبراطورية الماندينكة. وإذا نظرنا في نسب ساندياتا كيتا نعرف تسلسل الملوك والأباطرة. فهناك ابتداء ابو بكر الأول، وهو أخو ساندياتا كيتا الأصغر الذي صحبه في منفاه، قبل الحرب بين كرينا وسومارورو. أما أبو بكر الثاني فهو ابن أبي بكر الأول. وكان غلاما صغيرا في تلك المدة، وأصبح مسؤولا عن التجارة في البلاد بعد أبي بكر الأول، أي بعد ساندياتا كيتا بثمان وستين سنة. وهذا يدل بوضوح على وجوده. والواقع أنه ما من مؤرخ معتبر لافريقيا يمكن أن ينفي وجود أبي بكر الثاني.
باتهي دياغني
تاريخه معروف، لأن العمري ذكر هذه الرواية عندما وصل إلى القاهرة في طريقه إلى الحج.
الراوي
لكن ما هي الدلائل التي لدينا لتثبت قيام أبي بكر برحلته؟
الملك موسى هو الذي خلف أبا بكر الثاني، وعندما وصل القاهرة في رحلته الموثقة لأداء فريضة الحج عام 1324، تحدث مع مضيفيه ومنهم الجغرافي العربي الشهير شهاب الدين العمري.
مانسا موسى
“سألت السلطان موسى كيف أصبح ملكا، فقال لي: نحن أسرة تنتقل السلطة فيها بالوراثة. ولكن الملك الذي كان قبلي لم يصدق أن من المستحيل اكتشاف نهاية للبحر المجاور لنا، فأراد أن يكتشف بنفسه، وأصر على تنفيذ خطته.” وذكر السلطان موسى لحكام القاهرة أن سلفه ابا بكر قام برحلتين في المحيط الأطلسي ليكتشف مداه.
“جهز السلطان أبو بكر مئتي سفينة حملها بالرجال، ومثل عددها تحمل الذهب والماء ومؤنا تكفي لسنوات. وقال لربابنة السفن أن لا يرجعوا إلا إذا وصلوا إلى نهاية البحر المحيط أو نفدت مؤنهم. وذهبت السفن وطال غيابها إلى أن عادت سفينة واحدة منها. وسأل ربانها عن مغامرتهم، فأجاب: “أيها الأمير، سرنا في البحر طويلا، حتى صادفنا في منتصف البحر شيئا أشبه بنهر سريع التيار، وكانت سفينتي آخر السفن، أما السفن الأخرى فقد تقدمت، وكلما دخلت سفينة في التيار غابت عن الأنظار ولم تظهر ثانية. فلم نعرف ما جرى لها. أما أنا فلم أدخل التيار وعدت.”
“جهز السلطان أبو بكر الثاني ألفي سفينة، ألف منها له ولرجاله، وألف للماء والمؤن، وترك لي مقاليد الأمور، ثم رحل في البحر مع صحبه. لم أره بعد ذلك، ولا رأينا أحدا من أصحابه، وبقيت السلطة في يدي.”
باتهي دياغني
يبدو أن أبا بكر الثاني قال لشعبه إنه ذاهب لنشر الإسلام والموسيقى. لا أعرف إن كنتم قد سمعتم هذه الحكاية من قبل، ولكنني عرفت أن الحكاية الشعبية في مالي تذكر أنه اعتبر مهمته تجديد الموسيقى ونشر الدين. نحن اليوم نعرف أين ذهب مع صحبه، ولكن الحكاية الشعبية تروي هذا.
الراوي
وصل في السفن الألف التي أخذها أبو بكر معه قطعة مزركشة من المجتمع الأفريقي مباشرة إلى بوابة القارة الأمريكية.
أضفت رحلته الناجحة على المياه المالحة حلاوة التبادل الثقافي الذي يمكن أن نجد توثيقا له عند سكان أمريكا الوسطى، وعند العلماء والفنانين، وربما كان موثقا في مخطوطات عصف بها احتلال أمريكا بعد قرنين من الزمن.
مارا فيليب
نجد هنا متحفا مفتوحا لكل منطقة باهيا، والبرازيل وللبشرية كلها. فنحن مؤسسة تعمل في مجال الثقافة والمواطنة والموسيقى والسياسة، ونحرص على إعطاء الجالية الأفريقية البرازيلية عناصر مميزة جديدة.
الراوي
ذكر العمري أن الأمبراطور أبا بكر الثاني رفض أن يصدق أن السفن التي أرسلها لاستكشاف البحر اختفت هكذا، وأصر أنه لا بد أن تكون هناك أرض ينتهي عندها المحيط، وأنه لا بد من اكتشافها، وأنه سيقوم بالمهمة بنفسه.
أكمير
يقول العمري إن محمد غوا كان ملكا، وبما أن العمري كان معاصرا لمحمد غوا فقد سمع من أناس عرفوه مباشرة. وقد نشر العمري كتابه “مسالك الأبصار” في العقد الرابع من القرن الرابع عشر. أما رحلة محمد غوا فكانت حوالي 1310-1311.
د. خالد (موجها السؤال إلى باتهي دياغني)
في إحدى مقابلاتي قال لي أحد المفكرين البرازيليين، واسمه دا كوستا، إن الملك ذهب في رحلة استكشافية، فقلت له: لا أحد يفعل هذا. ملك يحكم عشر سنوات، ثم يأخذ معه جيشا في ألفي سفينة. تلك الرحلة لم تكن لنزهة بحرية وليست نكته.
باتهي دياغني
طبيعي أنها لم تكن نزهة. يبدو أنه قال في نفسه إن مالي قد فتحت كل غرب أفريقيا، أي كل افريقيا في تصوره، وأقامت علاقات وصلات مع البلاد العربية وخصوصا مكة والقدس، ولها من القوة الشيء الكثير، فلم يبق إلا أن أنطلق إلى ما وراء المحيط. صحيح أن الناس لا يتصورون هذا، ولكن هذا الاكتشاف كان يبدو له ضروريا في ذلك الوقت.
غاوسو دياوارا
تجهز أبو بكر الثاني بكل ما هو ضروري قبل أن يقوم برحلته. وعندما قام كريستوفر كولمبوس برحلته عام 1492، وجد في كوبا الأهالي الأصليين، كما وجد السود والماليين في كوبا. كان المترجمون الأوائل الذين ترجموا لكولمبوس من السود، فقد كان السود يعيشون في كوبا من قبل كولمبوس بمئتي سنة، وعندما حلت سفن كولمبوس وجد فيها السود والماندينكة. ومعنى هذا أن أبا بكر كان مستعدا لرحلته البحرية هذه، بحيث يفاوض على التعايش في سلام. الفرق بين أبي بكر الثاني والمستعمرين الذين جاؤوا من بعده أن أبا بكر لم يأت ليستعمر أو ليستكشف. فالمستكشف لا يقيم في المكان الذي اكتشفه. ولم يقل أبو بكر لسكان البلاد إنه قادم ليكتشفهم. بل جاء ليقيم جسرا يصل بين الشعوب . لم يأت محاربا ولا غازيا، ولكنه جاء ليقيم سلاما ومحبة، في عالم أفضل لكل الشعوب.
باتهي دياغني
أرسل أبو بكر عددا كبيرا من قومه لاكتشاف البلاد أولا، ثم سافر وهو يعرف ما أمامه. ويبدو أنه كان متأكدا أنه لن يعود، ولذلك تخلى عن السلطة.
أكمير
كانت المهمة على مرحلتين، لم يشارك أبو بكر في أولاهما، بل أرسل بعثة في مئتي سفينة، ومئتان مثلها تحمل المؤن والماء، والهدف منها اكتشاف الجزر أو الأرض في الطرف الآخر من المحيط.
باتهي دياغني
أرسل في المرة الأولى مئتي سفينة تتعرف على التيارات البحرية وإمكانية الملاحة، ثم رحل بنفسه عام 1310.
أكمير
حسبما ذكره العمري، عادت من تلك الرحلة سفينة واحدة، وما رواه ربانها شجع الملك الذي يحكم امبراطورية مالي على القيام برحلته. فطلب من الصناع أن يصنعوا سفنا على الطراز المصري، فبنى اسطولا من ألفي سفينة، ألف منها للمؤن وألف للمشاركين معه في رحلته.
د. خالد
هذا نموذج للسفن التي سافر بها الملك ابو بكر الثاني من أفريقيا. كما نرى فهي شجرة كاملة، يجوف بطنها. وقد أخذ أبو بكر الثاني معه ألفي سفينة منها. وهذه أخرى مثلها، ولكنها أكبر حجما. يحفر بطن الشجرة ليمكن استخدامها كسفينة للصيد. أما الكبيرة منها فتستخدم للرحلة، كما تستخدم الكارافيل، وهي أكبر منها، عندما وصلوا إلى البرازيل.
أكمير
إذا افترضنا أن كل سفينة تحمل عشرة أشخاص، فالمجموع لدينا عشرة آلاف شخص، ولذلك فإن من المرجح أن تكون البعثة حققت على الأقل بعض النجاح، وأنها وصلت الجانب الآخر من الأطلسي. ولا بد أن نربط هنا بما قاله كولمبوس عن الناس الذين لقيهم في هندوراس وهم من أصل أفريقي.
غاوسو دياوارا
أرسل أبو بكر الثاني بعثته الأولى لتكتشف إن كانت هناك نهاية للمحيط، ولكن البعض يقولون إن البعثة ابتلعها تيار الخليج، ولكن الناجين عادوا ليخبروا الملك بما حدث في رحلتهم التي يُعتقَد أنها وصلت إلى البرازيل. عندها نجد أبا بكر الثاني، الذي يشار إليه بأنه “الملك الذي سافر بحرا” يقرر أن يركب البحر بنفسه ليتأكد مما وصلت إليه البعثة الأولى، ولكنه لم يعد. المشكلة التي تواجهنا في قصة أبي بكر الثاني هي معرفة الرياح البحرية التي استخدمها. فنحن نعرف الرياح التي استخدمها كل من كريستوفر كولمبوس وفاسكو ديغاما. وأقول إن على المؤرخين والجغرافيين الأفريقيين أن يدرسوا ويبحثوا الطرق والرياح البحرية التي اعتمد عليها أبو بكر الثاني في رحلته. فمن الواضح أن أبا بكر الثاني كان يعرف نظام الرياح البحرية.
خوزيه هورتادو
من وجهة نظري هناك طريقان يمكن اتخاذهما للسفر إلى أمريكا في العصور الوسطى، وهذان المساران مبينان في هذه الخريطة. هنا يعيش الملك موسى الذي كان يسيطر على تجارة الذهب التي تذهب إلى الجزائر والمغرب حيث يجمع الذهب ويصنع ويباع. هذا أحد الطريقين. والذي نعرفه أنه كانت هناك رحلات من هنا ومن الأندلس إلى أمريكا. هذا ما تقوله دوقة مدينه سيدونيا وتؤكد أنه البحر الكاريبي. رحلة الملك موسى قطعت كل هذه المسافة. أما المسار الثاني فيعتمد على الخرائط، فهو يمتد أولا من مصر إلى جنوة، ثم الجزائر ومنها إلى جزر بالياريك، فجزر الكناري، ومنها إلى أمريكا.
أنتونيو كارلوس
تقريبا نصف اللغة البرتغالية التي نتحدث بها اليوم هي من أصل عربي. والتأثير العربي قوي وواضح أيضا في اللغة الاسبانية. خذ مثلا كلمة الرصيف، تجد مقابلها في البرتغالية “رِسيف”، وما ذاك إلا لأن الكلمات العربية ذابت في اللغة البرتغالية وأصبحت جزءا منها. وعندما وصل البرتغاليون إلى البرازيل وجدوا من سكانها من يحمل أسماء عربية، ومع مواصلة استكشافهم للبرازيل، وجدوا مدنا وقرى أخرى لها أسماء ذات رنين عربي. مثل سيارا، التي أصلها الصحراء، وماسيو التي أصلها مانزا.
د. خالد
ترى إذا سرنا مع هذا النهر، هل نصل إلى أمريكا؟
خوزيه هورتادو
أكيد. هذا هو التيار، هذا الأبيض هنا، وهذا تيار أبيض آخر. كل هذه التيارات تصل إلى امريكا.
د. خالد
إذن هذا معنى ما قرأته قبل عشرين سنة وهو أن الأفريقيين قالوا إنهم وجدوا أنهارا داخل المحيط.
خوزيه
الأنهار إذن تعني التيارات؟
د. خالد
تعم.
خوزيه
قال إنه خلال دراسته وجد أن الأفارقة يطلقون على التيارات اسم الأنهار
خوزيه هورتادو
ذلك منطقي
د. خالد
وهذه الأنهار يمكن أن تسير من داكار إلى جزر الكناري
خوزيه هورتادو
لا، لا، لا. التيار الذي عند داكار لا يصل إلى جزر الكناري. هذا التيار يأتي من الأزور، و يدور حول جزر الكناري ثم يعود إلى خط الاستواء ليصل إلى البحر الكاريبي.
خوزيه
هذه التيارات تأتي من الأزور، وليس من جزر الكناري… هذه التيارات تأتي من منطقة أبعد في الشمال.
د. خالد
إلى الغرب
خوزيه هورتادو
بالضبط. إذن لم يكن من الضروري البدء من الأزور.
د. خالد
هل لديك خريطة للمحيط الأطلسي؟
إذا كان البدء من داكار، يمكن الانطلاق من هنا والسير شمالا، ولكن المشكلة هي كيفية الوصول من داكار إلى هنا. كان الأسهل على البرتغاليين أن ينقلوا العبيد من أنغولا، ولهذا اصبحت أنغولا مستعمرة برتغالية حتى النصف الثاني من القرن الماضي. ومن هناك كان العبيد يرسلون مباشرة إلى هنا وإلى البحر الكاريبي.
د. خالد
أين جزر الكناري؟
خوزيه هورتادو
جزر الكناري هنا.
د. خالد
طيب. معنى هذا أن كولمبس في الرحلة الثانية كان عليه أن يتجه شمالا، ولكنه اتجه جنوبا، فلماذا؟
خوزيه هورتادو
دخل كولمبوس في رحلته الثانية من جنوب البحر الكاريبي، فانطلق من هنا. لم يسر مع هذا التيار، بل انتظر حتى أخذ التيار الذي يليه في الأسفل، وهذا وصل به إلى جنوب الكاريبي. في الرحلة الأولى تاه واخذ هذا التيار، ولهذا فإنه وصل إلى شمال جزيرة اسبانيولا. وهذه لم تكن الغاية التي يقصدها. إذا تركنا التيار الأعلى في الوقت المناسب نصل إلى البحر الكاريبي، إما إذا لم نفعل، فسيبعد بنا شمالا، ويأخذنا تيار الخليج إلى جزر الأزور. فماذا يعني هذا كله؟ إنه يعني أن الملاحين القدماء كانوا يعرفون ذلك، وعندما بينوا الطريق الملاحي كانوا يعرفون النقطة التي كان عليهم أن يتجنبوها.
تعتبر جزر الكناري بوابة الاتصال مع أمريكا منذ رحلة كولمبوس. بل كانت بوابة الاتصال مع امريكا من أيام المسلمين الذين كانوا يبحرون منها. وقد وضع المسلمون خارطة، ووصلت الخارطة إلى راسمي الخرائط في ميوركا. هناك ميزة طبيعية كبيرة للابحار من جزر الكناري لأنك تدخل مباشرة إلى تيار الكناري. أما رأس فيردي فهو إلى الجنوب الشرقي وبعيد عن تيار الكناري. إذا انطلقت من رأس فيردي فإن عليك أن تبحث عن تيار فيردي، أما إذا انطلقت من جزر الكناري فإنك تدخل مباشرة. وجزر الكناري أقرب إلى قادش والساحل الافريقي من رأس فيردي. وهذا هو السبب الذي جعل الملاحين ينطلقون من جزر الكناري، وليس من رأس فيردي. أما من الأزور، فإذا انطلقت من هناك وأخذت تيار الخليج، فإنه سيصل بك إلى جزر الكناري، ومنها تذهب إلى أمريكا. فما الذي يجعلك تنطلق من الأزور؟ الأفضل كثيرا أن تنطلقة من جزر الكناري.
كيف كان كولمبوس يعرف خريطة كريسك؟ لأن يهودا كريسك ذهب إلى البرتغال حيث أنشأ مدرسته، ونحن نعلم أن إنريك “البحار” وخوان الثاني كانا يريدان احتلال جزر غوميرا وهيرو، للانطلاق منها إلى أمريكا. طبيعي أنهما لم يقولا إن السبب هو الذهاب إلى أمريكا، ولكنهما حاولا احتلال هذه الجزر، فلم يستطيعا، إلى أن تم عقد معاهدة ألكاشوفاز توليدو، عندما اضطرت البرتغال إلى التخلي عن مطالبتها بحصة من جزر الكناري.
أكمير
لا بد لنا أن نربط بين ما قاله كريستوفر كولمبوس في مذكراته عن رحلته الثالثة، مع ما ذكره رحالة مكتشف آخر وهو نونز دي بالبوا الذي وجد قبيلة من الأفارقة السود في باناما. ولا بد أن نربط هذا برحلة ملك الماندينكة الشهير محمد غوا
الراوي
ترى هل هذه القبيلة السوداء التي ذكرها نونز بالبوا أحفاد الذين سافروا مع أبي بكر الثاني في رحلته الطموحة؟
أنتونيو كارلوس
يمكن أن نثبت الوجود الحقيقي للرواد المسلمين الأوائل بطرق متعددة، منها أسماء الأماكن التي كانت موجودة قبل وصول البرتغاليين وفي الفترة البرتغالية. فأسماء الأماكن تتأثر بلغة بعض القبائل وبعض الجاليات المستوطنة أصلا في هذه البلاد. وهذه الأسماء كلمات ذات أصل بربري وأصل عربي، أو فارسي، أو من أماكن أخرى، ولكن هذه الكلمات جميعا هي من تركيبة اللغات السائدة في بلدان العالم الإسلامي في ذلك الوقت. وهناك عناصر أخرى لا يمكن عرضها في المساحة الضيقة التي يسمح بها برنامج كهذا. وهناك مؤلفات منشورة ورسائل دكتوراة في جامعة السوربون في فرنسا تؤكد ذلك. ولكن مع ذلك يظل التاريخ المعتمد في البرازيل لا يعترف بهذه الحقيقة، بسبب العلاقات الماضية والمصالح السياسية.
باتهي دياغني
كانت للغة العربية في حقبة من التاريخ مكانة تشبه مكانة اللاتينية عند الأوربيين. كانت العربية اللغة المستخدمة في الأوساط الدبلوماسية، وفي الوقت نفسه كانت هناك مجتمعات مسلمة غنية، وكان لها تميز فكري وثقافي، فكانت العربية اللغة التي يقبل الغير على تعلمها، وهذا يدلنا على دور العرب في تلك الحقبة وهذه المنطقة.
أيرس كانتور
انظر إلى التشابه بين افريقيا ومدينة ريسيف وشمال البرازيل. يمكن القول إنه من حيث التخيل، أقصد التخيل الجغرافي، وأمامنا هذه الخرائط، نستطيع أن نستخلص هذا التقارب بين أوربا وأفريقيا وأمريكا. يمكن أن نرى هنا أشخاصا نتصورهم من العرب يعيشون حسب النمط الاسلامي، ويقومون بالزراعة، ونرى هنا أشخاصا أفريقيين يقومون بالأعمال المنزلية. ونخلص بعد هذا الى النتيجة بأنه كان هناك وجود كبير وواضح لهؤلاء الناس في حياة البلاط.
فالتر فييار
الأمر الذي لا يكاد يصدق هو كيف استطاع شعراؤنا وكتابنا أن يتجنبوا التأثر بالعقيدة الأوربية السائدة في زمانهم على مدى خمسمئة سنة من تاريخنا الأدبي. والأمر العجيب كذلك هو كيف أنهم لم ينظروا إلى العرب كأجانب.
ألين توري
نحن نعرف التاريخ، ولكننا نترك هذا التاريخ يتلاشى أمام أعيننا. نحن نعرف عن مجتمعنا بعد أن وصل البرتغاليون إلى البرازيل، ولكن ليست لدينا سجلات أو توثيق للمجتمع الذي سبق وصول البرتغاليين.
فالتر فييار
ترى ما السبب في هذا؟ يقول لنا التاريخ إن الذين وصلوا إلى سيرتاو هم البرتغاليون، ولكن هذا التاريخ مخطئ وناقص ومليء بالأكاذيب في بعض الأحيان. نحن نعرف هذا. من الواضح جدا أنه كانت هناك امور كثيرة متشابهة ودلائل موجودة في سيرتاو، وهي تتسق مع الثقافة العربية. هذا برهان أكيد على أن العرب كانوا موجودين قبل البرتغاليين.
ألين توري
بالنسبة للبرازيل، نستطيع أن نثبت الحقائق بواسطة التقاليد الشفهية والأدلة. لكن التقليد الشفهي بدأ يتلاشى في البرازيل. نحن نعرف أن العرب كانوا يتاجرون على طول الساحل الأفريقي من نهاية القرن التاسع حتى القرن الثاني عشر، فدخل الإسلام في كل شيء. ونعرف أن البرتغاليين الذين وصلوا في رحلات كابرال الأولى كانوا يحتاجون إلى معرفة اللغة العربية. هذه حقيقة لا بد من البحث فيها وتقصيها. اكتشفت البرازيل عام 1500. ولكن في عام 1491 كانت هناك تجارة قائمة في فيلا فِلْها، وكانت سفن كابرال تحتاج إلى معرفة العربية.
فالتر فييار
كانت هناك رسالة أخرى كتبها بحار مجهول الاسم تتحدث عن الاكتشافات، وتذكر عادات سكان البلاد في الطعام. جاء في هذه الرسالة أن سكان البلاد يأكلون نفس الخبز الذي يأكله العرب.
ألين توري
جدتي من قبيلة شوكورو، وقد ذكرت لنا أن التقاليد القديمة تلاشت وهي صغيرة. كانت من سكان البلاد الأصليين، وكان من العادات القديمة التي حافظت عليها أن تقول لأي شخص يأتي إلى منزلها: “فازر سالا”. هل تحس التشابه مع “تفضل.. سهلا”؟ كانت جدتي مسيحية، وكانت تصلي بالبرتغالية واللاتينية… نعم، كانت تتكلم اللاتينية رغم أنها لم تكن تقرأ أو تكتب. قبل أن تصلي كانت تغسل يديها جيدا، ثم تتمضمض، وتغسل وجهها بعناية. وبعد ذلك تمر بيديها بهذه الحركة، فتفعل هذا وهذا. هذه كلها طقوس وعندما نلاحظ هذا وندرسه دراسة ميدانية، نجد أن هذا مثال من الأدلة المحسوسة، لأننا نعرف كيف يتصرف العرب والنصارى واليهود والمسلمون في صلاتهم.
ومن الأدلة أن الباكارة مرت من هنا. هذه حكاية قصة بورانبوكو الطريفة، التي تسمى ماندينغا (السحر). إذا أردت أن تصل إلى هدف عزيز، كأن تنجح في الامتحان مثلا، فعليك القيام بماندينغا. ولا حاجة بنا أن نقول إن هذه الكلمة تحريف لاسم الماندينكة، شعب مالي.
فالتر فييار
يقول علماء اللغة إن هذه الكلمات جاءت من حقبة السيطرة العربية، وهم يعتبرون اللغة البرتغالية من أصل لاتيني مع التأثر بالعربية. ويضيفون إن كل الكلمات التي تبدأ ب “أل” في لغتنا مثل ألجغرافيا أو المادة مشتقة من أصل عربي.
ألين توري
كانت جدتي تستخدم عبارات كثيرة من لغة كريول، إحدى اللغات المستخدمة في كابو فيردي. ولا يزال الشوكورو من قبيلتي يستخدمون خمسين كلمة من تلك الأيام. رغم أن لغات توبي غواراني، شوكورو، فولني – و، بانكارارو وكايتيس قد اندثرت جميعها. كما أن القبائل التي كانت تعيش على الساحل البرازيلي، وفي غابة الأطلسي، تعرضت لحملة إبادة واسعة النطاق، ولذلك ضاعت لغة الشوكورو إلى الأبد.
د. خالد
نحن الآن في متحف باهيا، وقد تم العثور على هذه الوثائق بعد ثورة عام 1835. معظم هذه الوثائق آيات قرآنية كانت مع العبيد بعد أن تم أسرهم أو قتلهم. أي أن الوثائق تعود إلى عام 1835
عبد الحميد أبو بكر
عندما وصلنا إلى المتحف ذكر لنا الأستاذ المؤرخ شيري تاشيرا أنه “كانت هناك سيدة تدعى ايفون، وهي حفيدة رجل مسلم حافظ على الإسلام يدعى جبريل. ودعانا الأستاذ شيري تاشيرالزيارة السيدة ايفون، وقال إنها ورثت أشياء كثيرة من جدها جبريل، وأرتنا إياها. كان من بينها مسبحة، التي يستخدمها المسلم في عد الأذكار، وهي مسبحة خشبية. ومن الأشياء التي في مجموعتها بعض الكتب الإسلامية التي قالت إن جدها اشتراها من نيجيريا. كما ذكرت أنها كانت تحتفظ بنسخة قديمة من القرآن، ولكنها أعطتها لمدير مدرستها الذي وعدها أن يحتفظ به ككتاب تاريخي، ليظل موجودا على الدوام. نحن نعرف أنه كان هناك تأثير قوي وتأييد إسلامي في عام 1835. ولكن للأسف عندما ذهبنا إلى المدرسة لرؤية المصحف لم نجد تلك النسخة القديمة. وقد طلبنا من السيدة إيفون أن تعطينا شيئا مما لديها ككتاب إسلامي أو مسبحة، أو أي شيء تتبرع به للمتحف، أو للمركز الإسلامي، ولكنها رفضت، لأنها لا تريد أن يتكرر ما حدث للمصحف. ثم دعوناها للمشاركة في ندوة عام 1992 فرحبت بذلك وتحدثت عن جدها وذكرت آراءها في الشريعة الإسلامية. بعد ذلك أخذ الناس يتصلون بها ليسألوها لماذا غيرت دينها بعد أن كانت كاثوليكية، فقالت إنها لم تفعل.
مارسيلو ارتيولي شيليني
يمكن أن نعتبر هذه الحقبة التي سبقت الاستعمار البرتغالي، والتي ترافقت وأعقبت قدوم البرتغاليين حقبة خاصة. نحن نتحدث عن التراث الأندلسي… نعرف أن المسلمين حكموا اسبانيا والبرتغال ثمانمئة سنة، ومن هنا فإن ثقافتنا مزيج. واليوم إذا طالعت الفولكلور البرازيلي، فإنك ستجد جوانب عديدة مشتركة، وتجد مثيلا لها في شمال افريقيا والثقافة الإسلامية. وحتى في لغتنا البرتغالية نجد كلمات كثيرة من أصل عربي. بل إننا نعرف أن بعض الرواد الذين جاؤوا في السفينة الأولى الشهيرة مع بدرو ألفاريز كابرال كانوا مسلمين. وكانوا بحارة. بل إن بعض المصادر التاريخية تقول إن موسى بن سعد كان من البحارة الذين جاؤوا في هذه السفن. كما إن بعض الأبحاث التاريخية في السنوات الأخيرة تقول إن هناك جاليات إسلامية صغيرة كانت تعيش في البرازيل.
جيسس فلورس
هناك أدلة واضحة على أنه كانت هناك تجارة قائمة بين المغرب وأمريكا، منها مثلا أسماء بعض المدن الأمريكية، فالدوقة ايزابيل الفاريز تثبت في كتبها وخرائطها أن هناك صلات بين كثير من المدن الأمريكية ومدن بلاد المغرب، فمثلا توجد في البرازيل مدينة تدعى مازاغان، وفي المغرب مدينة بهذا الاسم كذلك.
باتهي دياغني
في رأيي أن أبا بكر الثاني وصل إلى أمريكا، وأنه لم يصل إلى قارة خالية من السكان. بل كانت القارة بها من السكان الذين جاؤوا أصلا من افريقيا. وإذا أخذنا الولايات الأمريكية الغربية مثل وايومنغ، وأوتاه، وأيداهو نجد أن أسماءها جاءت من لغة اليوروبا. هذا يدلني على أن أبا بكر لم يجد بلدا خاليا من الناس، بل ذهب إلى بلد بعرفه بعض الناس من المناطق الجنوبية. لعل الأوربيين لم يكونوا يستطيعون الوصول إلى أمريكا بسهولة، ولكن الأمر لم يكن صعبا على سكان اليوروبا من دلتا النيجر أو من سيني غامبيا، مثلما كان صعبا على الأوربيين.
ألبرتو كوستا داسيلفا
كيف قرر أبو بكر الثاني أن يعبر المحيط؟ لقد قال إن لكل نهر شاطئين، فلا بد أن أذهب إلى الشاطئ الآخر. فماذا يعني هذا؟ يعني أنه كان إنسانا تراوده أحلام عظيمة، اسمه أبو بكر الثاني، ملك مالي الذي كان يحلم بوجود أمريكا.
د. خالد
بحر الظلمات، أو المحيط الأطلسي، الذي يخشاه الجميع الأوربيون والعرب والأفارقة، ظل مرهوبا إلى أن جاء الاسكندنافيون فعبروه، ثم جاء من بعدهم الأندلسيون المغربيون، ثم جاء أبو بكر الثاني ملك مالي، فعبره ووصل إلى هذه البقاع، أرض البرازيل.